تخدعها الشعوذة والخرافات والأوهام، بل قلَّ أن تجد للكهانة بين أبناء الأمة الإسلامية سوقًا نافقة، كما تجدها في سائر الديانات، ذلك أنَّ الإسلام قام على النظر في البرهان، قال تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة: 111).
4 - غرس مبادئ قوة العزم والرأي، واستقلال الفكر، والاعتماد على النفس، ولهذا لم يجد النبي -صلى الله عليه وسلم- في أصحابه ضعفًا في مواقف الجدِّ، فلم يجد همَمَهم فاترة، وعقولهم قاصرة، كما وجد موسى -عليه السلام- في بني إسرائيل ذلك الخَوَر الفاضح، حين ذهب بهم إلى العدو، إذا بهم ينكصون على أعقابهم، ويخاطبونه بلسان الخائر الجبان: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة: 24) ألَا بعدًا لقوم لا يؤمنون، ألهذا كانوا يقترحون الآيات ويمعنون في طلب المعجزات، كلا لم يجد من أصحابه مثل هذا.
وُدُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ووفاؤه، وتفقُّد أحوال أصحابه، وكرمه
ودّه -صلى الله عليه وسلم- ووفاؤه:
كان -صلى الله عليه وسلم- أكثر ما يكون ودًّا ووفاء للضعفاء والبسطاء من الذين حملوا معه أعباء الدعوة وأثقال الجهاد، وذات يوم مرَّ أبو سفيان على سليمان وصهيب وبلال، وكانوا عبيدًا فأعتقوا، فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدوّ الله مأخذها، فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها؟ فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقصَّ عليه فقال: ((يا أبا بكر، لعلك أغضبتهم، إن كنت أغضبتهم فقد أغضبت ربك)) فانطلق إليهم أبو بكر فقال: أغضبتم يا إخوتي؟ قالوا: لا، يغفر الله لك، لقد خشي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون قد مسَّهم حرج أو استشعروا إهانة، وهم البسطاء الضعفاء، الذين لم يكن لهم شرف ولا كرامة إلّا بالإسلام، فإنه