من عندهم فاجتنبه))، قال حرملة: فلما رجعت تفكرت، فإذا هما -أي: ائت المعروف واجتنب المنكر- لم يدعا شيئًا.
وكذلك خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا بالصحابة فقال: ((أيها الناس، اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من قبلكم، وحملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلّوا محارمهم)) وفي رواية أخرى زيادة: ((وإياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفاحش المتفحش)).
وعن عائشة بنت سعد، أن أباها قال: اشتكيت بمكة شكوى شديدة أي: مرضًا شديدًا، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- يعودني، فقال: ((يا رسول الله، إني أترك مالًا، وإني لم أترك إلا ابنة واحدة، أفأوصي بثلثي مالي وأترك الثلث؟ قال: لا، قال: أوصي بالنصف وأترك لها النصف؟ قال: لا، قال: أوصي بالثلث وأترك الثلثين؟ فقال -صلى الله عليه وسلم: الثلث، والثلث كثير، إنك تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفَّفون الناس)).
وكان ممن قال لأبي ذر: ((إفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وتبسمك في وجه أخيك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن طريق الناس لك صدقة، وهدايتك الرجل في أرض الضالة صدقة)).
كذلك مرَّ رجل على النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه بعض الصحابة، فرأى الصحابة من جلده ونشاطه ما أعجبهم، فقال: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله، فقال -عليه الصلاة والسلام: ((إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان)).