ثالثًا: التنوع الغريزي:
من المعلوم أن الجبلّة البشرية تنطوي على مجموعة من الصفات، لا يمكن إزالتها بالكلية، وقد لاحظ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الجبلة في الناس، فلم يحاول هدمها، وإنما ترقّى بها، فهو في المال يعطي رجالًا لا لحاجاتهم، وإنما لشدة حبهم للمال، ويبين ذلك -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه، مخافة أن يكبه الله في النار)) وفي الفخر يعطيه لأبي سفيان يوم فتح مكة ويقول: ((من دخل دار أبي سفيان فهو آمن)).
أما الشق المتعلق بالدعوة، فهو يتمثل في النقاط التالية:
1 - تقدير الدعوة:
تبدأ الأساليب في مناقشة عقائد الناس، مبينة فسادها من واقع فكر الناس أنفسهم، وقد رأينا كيف جادل سيدنا إبراهيم الناس في ألوهية الأصنام والكواكب والأشخاص، وكيف بينت القصة ضلال الكافرين والمشركين، وإنما بدأت الأساليب بذلك، حتى لا تترك الناس في ضلالهم؛ لكي تدعوهم بالحق بعد تخليصهم من الباطل.
2 - تجزئة الدعوة:
وتدعو الناس على مهل، وتجزئ للناس دعوتها، فلا تقدمها لهم جملة حتى لا تثقل عليهم، وتلاحظ استعداد الناس للجزء الذي تقدمه لهم، ومن هنا استمرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو مدة طويلة إلى التوحيد وهو في مكة، ولم يتنقل إلى غير التوحيد؛ لأنه أراد أن يلمس أسس الدعوة، ويعرضه لهؤلاء المشركين، فمكث -صلى الله عليه وسلم- يدعو