أيديهم الآن، لا يمُتُّ بصلةٍ إلى الوحي المنزل على موسى -عليه السَّلام-؛ إذ إنَّها تحتوي على أمورٍ تُناقض ما أنزله الله، وتضمُّ بين دفَّاتها أشياءً لا تليقُ بالذَّات الإلهيَّة، وتُسيء للأنبياء، ممَّا سنوضحه في المحاضرة القادمة، إن شاء الله.
الدرس: 14 الأسس والدعائم التي تقوم عليها الدعوة إلى الله (4).
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الرابع عشر
(الأسس والدعائم التَّي تقوم عليها الدَّعوة إلى الله (4))
1 - تابع الأسس والدَّعائم الَّتي تقوم عليها الدَّعوة
ما جاء في عقائد اليهود في حقِّ الله -تعالى-
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الخلق وخاتم الرسل، الَّذي حفظ الله دينه، وعصم حياته، وصان شريعته من التَّغيير والتَّحريف، وعلى آله وأصحابه والتَّابعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدِّين،
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تمهيد:
نُكمل ما بدأناه حول الأسس والدَّعائم، الَّتي تقوم عليها الدَّعوة إلى الله، ومن ذلك الإيمانُ بالكتب السَّابقة، حيث انتهى الحديثُ السَّابق عن التَّعريف بالتَّوراة الَّتي أُنزلت على موسى -عليه السلام-.
وقد تبيَّن بما لا يدعُ مجالاً للشَّكِّ: أنَّ ما تحت يد اليهود، من نصوص العهد القديم، لا يمتُّ بصلةٍ إلى ما أنزله الله على موسى -عليه السلام-، وأنَّها كُتِبت أثناء الأسر البابلي لليهود (عام 586 ق. م) والقرون الَّتي بعد ذلك، وفي هذه المحاضرة -إن شاء الله- نُبيِّن ما يحمله "العهد القديم" من أمورٍ لا تليق بالذَّات الإلهيَّة، وتُسيء إلى أنبياء بني إسرائيل جميعاً، ولا يُعقل أن يصدُرَ ذلك في كتابٍ يزعم أصحابُهُ أنَّه مُقدَّس، وسوف نورد بعضَ النُّصوص ممَّا تحت أيديهم، وذلك على النَّحو التَّالي:
لقد حفل "العهدُ القديمُ" و"التَّلمودُ"، بأمورٍ لا تَليق بالذَّات الإلهيَّة، وتتنافى مع ما يجبُ لله من صفاتِ الجلالِ والكمال، ومن ذلك:
1 - أكذوبةُ رؤية الله في الدُّنيا:
لقد تحدَّث القرآن الكريم، عن طلب موسى -عليه السلام- من الله -سبحانه وتعالى- أن يراه، فلم ينلها، ولم يُطق تجلِّي الحق -تبارك وتعالى- للجبل، وخرّ مغشياً عليه، قال تعالى:
{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ * قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاس بِرِسَالَّتي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف:143 - 144].
مع هذا، فقد تجرَّأ اليهود في حياة موسى -عليه السلام-، وطلبوا منه رؤية الله؛ فأخذتهم الصاعقة، قال تعالى:
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة:55].