هذه الآيات وغيرها تؤكِّد في وضوح وجلاء على: أنّ الله -جلّتْ قدرته- يعْلَم حقيقة الإنسان، ويطّلع على ما توسوس به نفسه، قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}.
فصِحّة الأعمال وقبولُها أو عدم قبولِها مُتوقِّف على صدْق النّية والإخلاص فيها، قال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}.
وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}.
وعن تعلّق الأعمال وصدْق التّوجّه بالنّية، روي عن أمير المؤمنين أبي حفصٍ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنّما الأعمال بالنِّيّات، وإنّما لِكلّ امرئٍ ما نوى. فمن كانت هجْرته إلى الله ورسولِه، فهجْرتُه إلى الله ورسوله. ومَن كانت هجْرتُه لِدنْيا يُصيبها أو امرأة يَنكحها، فهجْرتُه إلى ما هاجر إليه))، متفق عليه.
فالأعمال تتحدّد قيمتُها بقيمة النِّيّات الباعثة عليها، أمّا مظاهر الأعمال المادِّيّة، فلا قيمة لها دون صدْق النّية.
وقد وضّح المرحوم الشيخ عبد الرحمن الميداني في كتابه القيِّم "الأخلاق" ما يتعلّق بالنية الباعثة على الأعمال"، واستخلص النتائج التالية:
1 - إنّ الأعمال لا يُنظر إليها عند الله إلاّ من خِلال النِّيّات الباعثة عليها، وبِحَسب النّية يجري الحساب والجزاء على الأعمال عند الله -تبارك وتعالى-.
2 - إذا كانت النّياتُ مُخالفةً لظواهر الأعمال، أُلغِيَت الأعمال، وجرى الحساب والجزاء على النِّيّات فقط، كأعمال المنافقين والمُرائين.