أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ما مِن مَولود إلاّ يُولد على الفِطْرة، فأبواه يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانِه))، رواه البخاري.
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يُبيِّن أثَر الأسرة والمُجتمع في صَلاح الأبناء أو انحراف سلوكهم؛ حيث تُوجد عوامل كَثيرة تَدفع الإنسان إلى المَيل للطَّاعة أو الجُنوح للمَعصية. فهناك دائرة الأسرة وما تقوم به من حُسن تَربية وكمال رِعاية وأدب، أو ما يَلقاه الطفل من الإهمال أو التَّدليل وعَدم المُراقبة والتَّوجيه. والمَدرسة ومنهجها في التَّعليم، أهو رسالة أم وَظيفة وتَلقين؟
ومَدى العلاقة بين الطالب والأستاذ؟
وهل المَدرسة تَعليم فقط، أم تَربية وتَعلِيم؟
ومَدى ارتباط المناهج بتقويم النفوس وتَهذيب السلوك. ثم يأتي بعد ذلك دور المُجتمع ذو الدائرة الأوسع، حيث تَشمل مُحيط الأصدقاء والجِيران، وتَتضمّن وسائل الإعلام، وأجهزة الدولة بسلطاتها التَّشريعية والقَضائية والتَّنفيذية.
كل هذه الأمور إن لم تُوضع لها الضَّوابط الشَّرعية التي تَصون الفَرد والجَماعة من عوامِل الانحراف والفَساد، فإنها تَكون مَدخلاً واسِعاً لارتكاب المعاصي والتَّشجيع عَليها.
وإنّ ما يُشاهده العالَم ويَسمعه من أنواع الفَن الهابِط، والأدب الماجِن، والإعلام المُبتَذَل، الذي يُروِّج للعُنف ويَحضّ على ارتكاب الفَواحِش، ويُغمِض عَينيْه عن آداب الإسلام، ويُصِمُّ أذنيْه عن توجيه الدعاة، لأَحدُ الأسباب الخَطيرة التي تَدفع لارتكاب المعاصي.
وقد بيَّن القرآن الكريم: أنّ انحراف الأبناء وفساد سُلوكهم وارتكابهم الفَواحش، بسبب رؤيتهم للآباء وهم يقترفونها، قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (الأعراف:28).