فالخوف وعدم الفصاحة قد يكون حائلاً دون القيام بواجب الدعوة؛ وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قصة موسى مع فرعون، قال تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ * وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} (القصص:33 - 35).
ولقد كان -صلى الله عليه وسلم- يبايع أصحابه على أن يصْدعوا بكلمة الحق، ولا يخشون إلاّ الله.
فعن عبادة بن الصامت، قال: ((بايعْنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة ... -إلى أن قال:- وعلى أن نقول الحقّ أينما كنّا، لا نخشى في الله لومة لائم))، متفق عليه.
الأمر الثاني: القدرة البدنية المقترنة بقوّة الشخصية التي تُمكِّنه من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
يقول الإمام أبو حامد الغزالي: "العاجز ليس عليه حسبةٌ إلاّ بقلْبه، إذ إنّ كلّ من أحب الله يكره معاصيه ويُنكرها".
وذكر أنه لا يقف سقوط الوجوب على العجز الحسِّي، بل يلتحق به ما يُخاف عليه مكروهاً يناله، فذلك في معنى العجز. وكذلك إذا لم يَخَفْ مكروهاً، ولكن علِم أنّ إنكاره لا ينفع، فلْيلْتفت إلى معنييْن:
أحدهما: عدم إفادة الإنكار امتناعاً -أي: لعجزه-.
والآخَر: خوف مكروه.