ممّا سبق، يتضح لنا تنوّع أصناف مَن تتوجّه إليهم النصيحة، وعلى القائمين على شأن الدّعوة أن يقدّروا لكلّ جماعة من العصاة ما يناسبها وما تُطيقه من الأمر والنهي والترغيب والترهيب، وأن تكون لديهم النظرة الثاقبة لِردّ الفعل الذي يحدث في نفوس مَن يُلقَى إليهم بالأمر أو النهي؛ وهذه هي الدّعوة إلى الله بالبصيرة المستنيرة، والحكمة والموعظة الحسنة.
المأمورات والمنهيّات التي يجب أن يتناولها الآمِر بالمعروف والنّاهي عن المنكَر
التمهيد للمحاضرة:
إنّ الشريعة تقوم على أصل عظيم وقاعدة هامّة، وهي: جلْب المصالح ودَرْء المفاسد.
ومصالح العباد تتعلّق بأمور ضروريّة أو حاجيّة أو تحسينيّة.
فالأولى: وهي التي لا قيام لحياة الناس بدونها، وإذا فاتت حلّ الفسادُ، وعمّت الفوضى، واختلّ نظام الحياة. وهذه الضروريات هي:
حفظ الدِّين، والنّفْس، والعقل، والعِرض، والمال. وبعضهم يجعل مع العِرض: النّسل.
الثانية: الحاجيات، وهي التي يحتاج إليها الناس ليعيشوا بيُسر وسَعة، وإذا فاتتهم لم يخِلّ نظام الحياة، ولكن يصيب الناسَ ضيقٌ وحرَج.
الثالثة: التحسينات، وهي ترجع إلى مكارم الأخلاق ومحاسن العادات.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الحارس الأمين والعين الساهرة، لحفظ الشريعة وصون أحكامها، وهو الأداة التنفيذية التي تقوم على تطبيق ما أمر الله به أو ما نهى عنه. وأوامر الشرع الحكيم ونواهيه تختلف وتتفاوت على النحو التالي: