وكما وصفت ابنة الرّجل الصالح موسى -عليه السلام- في قوله تعالى: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} (القصص:26).
6 - صيانة وحماية ضروريّات الإسلام الخمْس -الدِّين، النّفْس، العقل، النّسل، المال-، ووضْع التشريعات والنّظم التي تكفل ذلك وتحقّقه.
هذه الأمور مجتمعة تستوجب وجودَ حاكم يترأّس جهازاً حكومياً يحقّق ذلك، في إطار المحافظة على ثوابت الأمّة عقيدة وشريعة، مع الأخذ بالأساليب العلّميّة والتقنية التي تساعد على ذلك.
ثانياً: كيفيّة اختيار الحاكِم في الإسلام:
لم يضع الشّرع الإسلامي طريقةً مُعيّنةً ومُحدّدة يتمّ من خلالها اختيار الحاكم، ولكن تُركت لِما يتّفق عليه المسلمون حسب ظروف كلّ عصر وبيئته. فلقد تمّ اختيار أبو بكر الصدّيق -رضي الله عنه- من خلال بيْعة عامّة في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بعدما حُسم الأمر في سقيفة بني ساعدة. وعَيّن -رضي الله عنه- عمرَ بن الخطاب -رضي الله عنه-، بعد مشورة كبار الصحابة. وقد جعَل عمرُ الخلافة من بعدُ في سِتّة نفَر مِن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، على أن يختاروا أحدَهم، ووضَع لهم ضوابط دقيقة للاختيار. ولقد تمّ اختيارُ عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وتمّت بيْعة عامّة بعده لعليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
ثم حدث ما حدث مِن تحوّل الحُكم بعده مُلكاً يُتوارث خلال الدولة الأموية والعباسية. ثم انقلب الأمْر أحياناً، فوثب على سدّة الحُكم بالقوة كما كان يحدث خلال حُكم المماليك قديماً والانقلابات العسكرية حديثاً. ولقد رضيت الأمة إن طوعاً أو كرهاً بهذه الأنواع، إذ إن المقصد والهدف والغاية: أن يتحقّق العدل،