حتى قال: "أطيعوني ما أطعتُ اللهَ ورسوله، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
وبهذه الخطبة الرائعة العظيمة، وضع أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- المعالم الواضحة للحُكم في الإسلام.
6 - على الرعية -ولا سيما العلماء-: أن يقوموا بالنّصح بالقول أو بالكتابة لوليّ الأمْر، حسبما أمر به الله في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل:125).
ولقد بيّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحدود والإطار التي ينبغي أن يتحرّك فيها العلماء والدّعاة للتعامل مع أُولي الأمر؛ فعن أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنه يُستعمَل عليكم أمراء، فتعرفون وتُنكرون. فمَن كره فقد برئ، ومَن أنكر فقد سَلِمَ، ولكن مَن رضي وتابع)). قالوا: أنقاتلهم، يا رسول الله؟ قال: ((لا، ما أقاموا فيكم الصلاة))، رواه مسلم.
ومعنى الحديث الشريف:
مَن كَرِه بقلبه ولم يستطع إنكاراً بيدٍ ولا لسان، فقد برئ من الإثم. ومَن أنكر بحسب طاقته، فقد سلِم من المعصية. ومن رضي بفعلهم وتابعهم فهو العاصي.
ولقد نهى -صلى الله عليه وسلم- عن منازعة الحاكم، والخروج عليه، فقال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عبادة بن الصامت: ((بايعَنا رسولُ الله على السمع والطاعة، في العُسر واليُسر، والمنشط والمكره، وعلى أثَرة علينا، وعلى ألاّ نُنازع الأمْرَ أهلَه، إلاّ أن ترَوْا كُفراً بواحاً عندكم من الله تعالى فيه برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنّا، لا نخاف في الله لومةَ لائم))، متفق عليه.