بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثامن
(أساليب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
1 - أساليب الأمْر بالمعروف والنّهي عن المنكر
أولاً: أسلوب التعليم والتّفقيه
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، الدّاعي إلى الهدى والحق والصراط المستقيم، وعلى آله ومَن دعا بدعوته إلى يوم الدِّين. أما بعد:
إنّ الإنسان بفطرته ينزع إلى العلْم ويميل إلى المعرفة، وكلّما زاد الإنسان علْماً اتّسعتْ أمامه سُبلُ الطاعة، وضاقت أمامه فُرص المعصية. قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر:28).
وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة:11).
وإن كثيراً ممّن ضلّ بهم الطريق المستقيم، أو تهاونوا في القيام بالطاعات والتزام العبادات، يكون بسبب الجهل بالدِّين وعدم التقدير لجُرم المعصية وعظم عقابها؛ ويكون ذلك بسبب الأمور التالية:
1 - إهمال الأسرة لِغرس ينابيع الخير ونزْع بذور الشر في الأبناء.
2 - النظام التعليمي في كثير من أقطار العالَم الإسلامي الذي يهتمّ بالعلوم العلْمية عن العلوم الشرعية. وما بقي من أقطار تُولي اهتماماتها بعلوم الشريعة والثقافة الإسلامية تواجه من دوَل الغرب والشرق ضغوطاً رهيبة لتغيير مناهجها الدّينيّة تحت مزاعم مكافحة الإرهاب.
3 - المناخ الاجتماعي الذي بدأ ينحو ناحية السلبية والأنانية والأثرة بأفراده، حتى أصبحت الترابط الاجتماعي من خلال الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر قد خفَتَ صوته وضعف توجيهه تحت مُسمّى الحرية الشخصية، ممّا أفقد المجتمع المسلم أكبر عوامل انضباطه وصوْنه عن المنكَرات؛ فأصبح الجهل بالدِّين ليس جهل أفراد، ولكن أصبح جهل شعوب، تشاغلت عن تفيهم دينها والتفقه في أحكامه، بسبب ظروف الحياة الاقتصادية والسياسية وغيرها من القضايا التي صَرفت الناس عن العلْم وتعليم الدِّين، فعمّت المعصية مع تفشِّي الجهل بالدِّين.