فقال: يا رسول الله. أصبتُ حداً فأقِمْ فيّ كتاب الله! قال -صلى الله عليه وسلم-: أليس قد صلّيتَ معنا؟ قال: نعم. قال: فإنّ الله قد غفر لك ذنبك -أو قال:- حدّك))، متفق عليه.
ولقد أشار -صلى الله عليه وسلم- على السّتر على ذوي المروءات هناتهم، فقال: ((أقيلوا ذوي الهيئات عثَراتهم، إلاّ الحدود))، رواه الإمام أحمد.
وللتّستّر ضوابط وأمور يجب أن تُراعى، ومن ذلك:
1 - أن يترجّح في الظّن إقلاعه عن المعصية بعد انكشاف أمْره والتستر عليه.
2 - أن لا يترتّب على السّتر مفسدة شرعيّة.
3 - أن لا يكون السّتر خشية مِن جاهه أو منصبه.
4 - أن يكون كشْفه سبباً في فتن يبلغ ضررها أشدّ من فضْح أمْره.
5 - أن لا يكون الأمر قد وصل إلى الحاكم، فإذا ما وصل فلا شفاعة ولا ستْر، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((تعافَوا الحدود فيما بينكم، فمن بلغني حدّه فقد وجب)).
خامساً: استثارة العواطف والمشاعر، وإيقاظ دوافع الحميّة والغيرة
كثير من الناس حينما يفعلون المنكَرات ينسوْن أنفسهم، ولو فعَل ما فعَله من منكر أحدُ أبنائه أو زوجتُه لغضب وثار، وربما أوقع الأذى بمن فعَل ما يرتكبه هو، لأن الغفلة والنسيان سبب من أسباب ارتكاب المعاصي، قال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (الحشر:19).
ولذلك، فإنّ من واجب الدّعاة أن يستثيروا المشاعر، ويستجيشوا العواطف، ويوقظوا دوافع الغيرة والحميّة والمروءة؛ فهذه أمور نظرية في الإنسان تحتاج إلى مَن يوقظها مِن غفْلتها ويحرّكها من سباتها العميق.