للدّعوة، وعدم الإعداد الجيّد للدّعاة، وافتقار الكثير منهم للوقوف على أصول الدعوة إلى الله وأساليبها، وخلوّ ذهن الكثيرين من الدّعاة عن: فقه الأولويّات في ميدان الدّعوة، وتنظيم العمل الدعوي، والتنسيق بين العاملين في حقل الدّعوة إلى الله.
ممّا سنوضحه بين ثنايا هذه المحاضرات -إن شاء الله-.
هل الدّعوة إلى الله رسالة أم وظيفة؟
الدّعوة إلى الله رسالة هذه الأمّة التي اصطفاها من بين الأمم، لحمْل أمانة الدّعوة ونيل شرف التبليغ. والقائمون على شؤونها هم أصحاب رسالة سامية، ورُسُل دعْوة نبيلة، قبل أن يكونوا موظّفين يتعاطَوْن على هذا أجراً ويتقاضَوْن راتباً.
وإنّ في رسُل الله وأنبيائه -عليهم السلام- لَقُدوةٌ حسَنة وأسوةٌ طيِّبة، فما كانوا يريدون بدَعْوتهم إلى الله من البشر أجراً ولا يبتغون من ورائها جاهاً.
وقد تحدّث القرآن عنهم، فقال تعالى عن نوح -عليه السلام-: {وَيَا قَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ} (هود:29).
وعن هود -عليه السلام-، يقول الله تعالى: {يَا قَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ} (هود:51).
وقد استشعر أتباع المرسلين أنهم لا يتعاطَوْن من أتباعهم مالاً، وأنهم جرّدوا دعوتهم من متاع الدنيا، فدعَوْا الآخَرين للإيمان بهم. قال تعالى: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لاَ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (يس:20، 21).
وأمَر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم-: أن يُعلن على أهل مكة بهذا الأمر، قال تعالى: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (الشورى:23).