لهذا كان -صلى الله عليه وسلم- يرقب أصحابه، فإذا رأى غلواً أو تشدّداً في الطاعات نبّه عليه، وحذّر من عواقبه؛ ومن ذلك:
1 - عن أنس -رضي الله عنه- قال: جاء ثلاثة رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي -صلى الله عليه وسلم-. فلمّا أُخبِروا، كأنهم تقالّوها، وقالوا: وأين نحن من النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قد غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.
قال أحدهم: أمّا أنا فأصلي اللّيل أبداً. وقال الآخَر: وأنا أصوم الدّهر ولا أفطر. وقال الآخر: وأنا أعتزل الناس فلا أتزوج أبداً.
فجاء إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أمَا والله، إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصومُ وأُفطِرُ، وأصلِّي وأرقد، وأتزوّج النساء. فمن رغِب عن سنّتي فليس مني))، متفق عليه.
2 - عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- المسجد، فإذا حبلٌ ممدود بين الساريتيْن، فقال: ((ما هذا الحبل؟)) قالوا: هذا حبلٌ لزينب، فإذا فتَرَتْ تعلّقت به. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا. حُلُّوه! لِيُصَلِّ أحدُكم نشاطَه، فإذا فتَر فلْيرقُدْ!))، متفق عليه.
3 - عن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها امرأة قال: ((من هذه؟))، قالت: فلانة تذكر من صلاتها. قال: ((مَهْ! عليكم بما تطيقون! فوالله لا يمَلّ الله حتى تمَلّوا))، متفق عليه.
((مهْ)): كلمة نهْي وزجْر.
4 - عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، إذ هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل، نذَر أن يقوم في الشمس ولا يقعد،