النوع الأول: دوافع تَكْفل المحافظة على بقاء الفرد، كالجوع والعطش اللّذان يُحرِّكان غريزة البحث عن الطعام.
النوع الثاني: دوافع تَكْفل المحافظة على بقاء النوع، كالجنس والأبوّة اللّذان يدفعان غريزتَيْ تجاذب الرّجُل للمرأة من خلال الحبّ الفطري الذي يوثِّقه عقد الزواج.
النوع الثالث: دوافع الطوارئ، وهي وثيقة الصّلة بالمحافظة على بقاء الفرد والنوع، كدافع المقاتلة، والخوف، والهرب.
النوع الرابع: دوافع تمكّن الفرْد من التّعرّف على البيئة التي حوله، كدافع الاجتماع، والتّعاون، وحبّ الاستطلاع.
وهذه الغرائز إن لم تُحكم بميزان الشّرع أو تُضبط بمقاييس العقل السليم، فإنها تنطلق مسعورةً لإشباع حاجاتها دون رويّة وتدبّر، ودون الْتفات لأوامر الله، متجاهلة الأحكام الشرعية، ومحطِّمة للتقاليد الاجتماعية.
ولقد وضع الإسلام هذه الغرائز في حدود ما خلَقها الله مِن أجْله، ووضَع لها الضوابط وفْقَ ما شرعه الله من ثواب وعقاب وإقامة الحدود، وجعل السلوك الإنساني في إشباع تلك الغرائز يسير حسب سنن الفطرة، دون كبْت أو حرمان أو قهرٍ لها. ولم يترك الإسلام لها الحبْل على الغارب، لتندفع هائجة تُحطِّم القِيَم وتنتهك الأعراض.
فغريزة الجنس وضَع لها الإسلام الضوابط، حيث جعَل علاقة الرجل بالمرأة لا يتمّ إلاّ في إطار عقد الزواج، وسمّاه: {مِيثَاقاً غَلِيظاً} (الأحزاب:7)، ويسّر سُبل الزواج، وأباح التّعدّد لِمَن يقدر على ذلك. وأيّ علاقة بين الرجُل والمرأة بعيدة عن علاقات الزوجيّة فهي علاقة آثمة، ومن الكبائر التي توجب إقامة الحدّ في الدنيا وعذاب الله في الآخِرة، إن لم يعلن ذوو هذه العلاقة عن توبتهما.