يقول الإمام أبو حامد الغزالي -رحمه الله-: "ففي الآية بيان بالإيجاب؛ فإنّ في قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ} أمرٌ، وظاهر الأمْر الإيجاب. وفيها: بيان أنّ الفَلاح مَنوط به، إذ حصر وقال: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. وفيها: أنه فرْض كِفاية لا فرْض عيْن: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}؛ فإذا ما قام به واحد أو جماعة، سَقط الفرْض عن الآخَرين".
ويُبيِّن القرآن الكريم: أنه لا يَخلو الزمان من أمّة مُؤمنة عابِدة تَقوم بالدَّعوة إلى الله، وتأمر بالمَعْروف وتنهى عن المُنْكر، وتُسارع إلى فِعل الخَيرات؛ قال تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} (آل عمران:113، 114).
ثالثاً: بالأمر بالمَعْروف والنّهي عن المُنْكر تَتحقّق الولاية والمُناصَحة بين المؤمنين، قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة:71).
رابعاً: إنّ الأمر بالمَعْروف والنّهي عن المُنْكر سَببٌ من أسباب النَّصر، وثَمرة من ثِمار التَّمكين في الأرض، قال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} (الحج:40، 41).
ولقد ذكَر القرآن الكريم في صفة الشهادة والقِتال في سبيل الله في سورة (التوبة) شروط مَن يَستحقّ نَصر الله، في قوله: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} (التوبة:112).