فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} (فاطر:34، 35)))، مسند الإمام أحمد.
ويَتنوّع الخِطاب الدَّعويّ لكلّ جماعة من هذه الجماعات الثلاث، بأسلوب مُميّز ونَسق خاصّ من الإقناع.
فالأمر بالمَعْروف والنّهي عن المُنْكر يتوجّه في الجانب الرئيسي إلى بعض المؤمنين الذين ظَلموا أنفسهم بارتكابِهم المَعاصي، وتَفريطِهم في أداء العِبادات، وتَقصيرهم عن القِيام بالطاعات، وتهاونهم في أمر الإسلام. وهؤلاء يُمثّلون غَالبية المُسلمين، ولا سيما في هذا العَصر، الذي يَخنق أقطار العالَم الإسلامي ويَكتُم أنفاسه، ويكاد أن يُزهق روحه بسبب العدوان الشَّرس، والتآمر المُستمر على ثَوابت الأمّة الإسلامية وهويّتها.
وهذا الجانب الأكبر من المُسلمين هم الذين يَنبغي أن يَهتمّ بهم الدُّعاة إلى الله، لأنهم مَرضى المَعاصي، ويَحتاجون لحِكمة في القول، ولِين في المَوعظة، لإيقاظ ينابيع الخَير في القُلوب، واستمالة العُقول. ويَنبغي أن يَسبق مواجهتَهم بالأمر بالمَعْروف والنَّهي عن المُنْكر دِراسةُ القضايا التالية:
أ- تَحديد الظالمين لأنفسهم، وهم: العُصاة المُفرِّطون، والمُسيئون لأنفسهم بارتكاب المَعاصي والذنوب، والفُسّاق من المسلمين. فالعُصاة مهما فرّطوا في جَنب الله، ما يَزالون مُسلمين طالما لمْ تَصل مَعصيتُهم إلى كَبيرة الشِّرك والكُفر بالله، ولم يَرتكبوا كفراً بواحاً. وهؤلاء يَختلف خِطابُهم عن غَيرهم من المؤمنين. قال تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلاَ الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ} (غافر:58).