في الأدب الغربّي
الشاعر المحتضر
قصيدة من عبقريات لامرتين
ترجمها وأهداها إلى روح شوقي
أحمد حسن الزيات
تحطمت كأس عمري وهي مُترعة، وتصرمت حياتي زفرات في كل نَفَس، وَعيّ َبإمساكها ما أرسلت من عبرات وحسرات، وقرع الموت بجناحه الناقوس الباكي عليَّ مؤذناً بساعتي الأخيرة، فليت شعري أنوح أم أغني؟؟!.
لأغَنِّ ما دامت أناملي لا تزال على القيثار، لأغن ما دامت المنون تلهمني، وأنا على باب الآخرة ما تلهم البجعة من صرخة موزونة وأنة ملحونة، وإذا لم تكن النفس شيئا غير الحب والألم فلم لا يكون وداعها لحناً قدسياً؟؟!
إن القيثار يبعث أجملألحانه حين ينكسر، والمصباح يرسل أبهى أضوائه حين يخمد، والبجعة ترفع طرفها الى السماء حين تسلم الروح، والإنسان وحده يرجع البصر إلى الوراء ليعد أيامه ويبكيها!!
وما هذه الأيام التي تستدر حوالب عينيه؟ شمس تشرق متقطعة، وساعات تمر متشابهة، وخير تمنحه ساعة فتسلبه أخرى، ثم عمل يتلوه راحة، وألم يتبعه أحيانا حلم!
ذلك هو اليوم، ثم يمحو آيته الليل!
لِيبْك ذلك الذي أشتد على حطام الدنيا حرصه، وتعلق بأمانيها سببه، ثم يرى حبل مستقبله يَنْبَتّ، وظِل آماله يتقلص! أما أنا فأترك الدنيا في سهولة ويسر لأن جذوري منها كجذور النبتة الرخوة من الأرض، تهب عليها رياح المساء فتقلعها!
الشاعر أشبه شيء بالطيور الغوابر، لا تعشعش على الضفاف ولا تقع على غصَون الغاب وإنما تهدهد نفسها على متون الموج، ثم تمر مغردة على بعد من الشاطئ، فلا يعرف الناس من أمرها، غير ما يسمعون من صوتها!
أبداً لم تدرب يدي على الوتر الرنان يد مخلوق؛ لأن ما تلهمه روح الله لا تعُلِّمه يد إنسان