responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة البيان نویسنده : البرقوقي    جلد : 1  صفحه : 6
أقرب إلى المدنية وأدنى إلى السعادة - فهذه هي أسباب الهناء ودواعي الصفاء وعلى عرفاننا بها وتعليمنا الناس إياها يتوقف نعيم العالم وسعادته فأما على الحديد والزجاج والكهرباء والبخار فلا.
وإني من حسن الظن وجميل الرجاء بحيث آمل أن يهتدي الناس يوما ما إلى هذه الحقيقة فإنهم قد التمسوا السعادة من جميع الوجوه إلا الوجه الصواب وضربوا في كل طريق إلا الطريق الأسد. وكأني بهم سيجربون الوسيلة الصحيحة والطريقة المثلى بطبيعة الحال إلا تراهم قد جربوا الحرب والتجارة ومظاهر الأبهة والفخامة وجربوا البخل والكبرياء والتحاقر والتصاغر وكل أسلوب للعيش وطريقة للحياة توقعوا من ورائها فضل الهناء والسعادة. وشموا من تلقائها رائحة الغبطة والنعيم - نعم وبينما هم يمتطون كل صعب في سبيل السعادة ويركبون كل عوصاء إذا بالسعادة قد أوجدها الله بمرأى عيونهم في سحب السماء. وبمنال الفهم في نبات الروضة الفيحاء وكثيراً ما رأينا الملك الجليل والسلطان الكبير قد كثرت عليه آفات الملك وفدحته أعباء الدولة فخرج هارباً على وجهه ثم ما لبث أن وجد المملكة العظمى والراحة الكبرى في قيراطة من الأرض وذراع من الظل ولكن الإنسان لم يصدق ذلك وما يزال يضرب صفحاً عن السحاب ويقتلع النبات يقيم مكانه الصانع والمداخن ويطلب السعادة من غير وجهها حتى عثر أخيراً على العلوم الطبيعية فحسب ضلة وخطأ أن السعادة في مكتشفات الكيمياء ومخترعات الطبيعة فشحن السحاب في الأوعية الحديدية وأرسلها تجري مجرى السحاب واستخرج من النبات خيوطاً فنسجها ثياباً له جيدة رخيصة وظن أن هذه هي السعادة - ظن أن المسير بسرعة السحاب ونسج كل شيء من أي شيء منتهى الهناء والنعمة.
ولما كذبت في ذلك أيضاً ظنونه ورأى أن السعادة ما زالت منه كأبعد ما كانت أصبح يفتش عن غلطة جديدة يرتكبها ولكني أحسب أنه قد استنفد في هذا الأمر جميع الغلطات فلا غلطة هناك بعد فأما وقد نفدت حيله وعلم أنه لا فرق بعد الاعتياد بين السير الحثيث وبين البطيء وأنه ليس في استطاعة مصانع مانشستر وما تخرج من الأقمشة والثياب أن تكسب الإنسان راحة النفس ورخاء البال فرجائي أنه سيعلم بعد ذلك أن الله ما صبغ حواشي السحاب وألبس السندس مناكب الغاب إلا ليسعد الإنسان برؤية الخالق في آثاره وبتنفيذ

نام کتاب : مجلة البيان نویسنده : البرقوقي    جلد : 1  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست