وقال الإمام الطحاوي رحمه الله: ((والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان أبداً، ولا تبيدان، فإن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلاً، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه، ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه، وكلٌّ يعمل لما قد فرغ له، وصائرٌ لما خُلق له، والخير والشر مقدران على العباد)) [1].
ومن الأحاديث الدالة على وجود الجنة الآن:
[حديث] كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما نسمة المؤمن طائرٌ يعْلُقُ في شجر الجنة، حتى يرجعه الله تبارك وتعالى إلى جسده يوم يبعثه)) [2][3]. [1] أبو جعفر الطحاوي. متن العقيدة الطحاوية، ص12. [2] أخرجه أحمد في المسند، 3/ 455، وهو في النسخة المحققة، 25/ 57، برقم 1578 بلفظه، والنسائي، كتاب الجنائز، باب أرواح المؤمنين، برقم 2073 بلفظ: ((إنما نسمة المؤمن طائر في شجر الجنة حتى يبعثه الله - عز وجل - إلى جسده يوم القيامة)). وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، برقم 4271، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 445، وصحيح ابن ماجه، 2/ 423، والأحاديث الصحيحة، 2/ 720، برقم 995، وقال الإمام ابن كثير في تفسيره، 4/ 302 بعد ذكر إسناد الإمام أحمد عن الشافعي عن مالك عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه: ((وهذا إسناد عظيم، ومتن قويم)). [3] وحديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وفيه: ذكر الشهداء، وأن: ((أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل))، [مسلم برقم 1887، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما: ((إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة)) [البخاري، برقم 1379، ومسلم، برقم 2866، وذكر الإمام ابن القيم أن عرض المقعد لا يدل على أن الأرواح في القبر، ولا على فنائه، بل على أن لها اتصالاً به يصح أن يعرض عليها مقعدها، فإن للروح شأناً آخر، فقد تكون في الرفيق الأعلى، وهي متصلة بالبدن بحيث إذا سلم المسلم على صاحبه ردّ عليه السلام، وهي في مكانها هناك. شرح السيوطي لسنن النسائي، 4/ 109.