الفصل الأول
نعيم أهل الجنة
المبحث الأول: النعيم النفسي:
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة! فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟! فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربِّ، وقد أعطيتنا ما لم تُعطِ أحداً من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟! فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أُحلُّ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبداً)) [1][2]. [1] متفق عليه: البخاري، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، برقم 6549، ومسلم، كتاب الجنة ونعيمها، باب إحلال الرضوان على أهل الجنة، فلا يسخط عليهم أبداً، برقم 2829. [2] ومن النعيم النفسي ما جاء في حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - أنه ((يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة، هل تعرفون هذا؟ فيشرئبّون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت، ويقال: يا أهل النار، هل تعرفون هذا؟ فيشرئبّون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت، فيُؤمَر به فيُذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت))، [مسلم، برقم 2849]، وفي حديث عبد الله بن عمر نحوه، وقال: ((فيزداد أهل الجنة فرحاً إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم))، [مسلم، برقم 1850].
ومن أعظم النعيم النفسي النظر إلى وجه الله الكريم؛ لقول الله تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]. فالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم، وقوله تعالى: {لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35]. والمزيد هو النظر إلى وجه الله الكريم، وقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23]. وفي الحديث: ((فيكشف الحجاب، فما أُعطوا شيئاً أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم - عز وجل -)) [مسلم، برقم 181].