بيد أنه مع دخول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فكان أول ما بدأ به الطواف حول الكعبة، [وحطم الأصنام - صلى الله عليه وسلم -] [1].
المبحث الثاني: أخبار المهدرة دماؤهم
كان قد عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أمرائه حين أمَّرهم أن يدخلوا مكة، أن لا يقاتلوا إلا من قاتَلهم، إلا أنه عهد في نَفَرٍ سمّاهم، أمر بقتلهم وإن وجدوا [1] قال ابن القيم في زاد المعاد، 3/ 406 - 407: ثم نهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله، حتى دخل المسجد، فأقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحوله البيت، وعليه ثلاثمائة وستون صنماً فجعل يطعنها بالقوس، ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]. {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]. والأصنام تتساقط على وجوهها.
وكان طوافه على راحلته، ولم يكن محرماً يومئذ، فاقتصر على الطواف، فلما أكمله دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها ففتحت فدخلها، فرأى فيها الصور، ورأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام فقال: ((قاتلهم الله، والله إن استقسما بهما قط)). ورأى في الكعبة حمامة من عيدان فكسرها بيده، وأمر بالصور فمحيت، ثم أغلق عليه الباب، وعلى أسامة وبلال، فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب حتى إذا كان بينه وبينه قدر ثلاثة أذرع وقف وصلى هناك، ثم دار في البيت، وكبّر في نواحيه، ووحَّد الله، ثم فتح الباب، وقريش قد ملأت المسجد صفوفاً ينتظرون ماذا يصنع، فأخذ بعضادتي الباب وهم تحته، فقال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ... )) إلى أن قال: ((يا معشر قريش: ما ترون أني فاعل بكم؟))، قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: ((فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء)).
وانظر السيرة النبوية، 4/ 77 - 78، وفتح الباري، 8/ 18،، والفصول في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ص180، وانظر أيضاً: زاهية الدجاني، فتح مكة نصر مبين، ص74، 75.
والحديث أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح؟ برقم 4287، و 4288.