يخاف أعوان السوء، وإن يعفني الأمير فهو أحبَ إلي، وإن يقحمني الأمير أقتحم، وايم الله، إني لأتعارَ من الليل فأذكر الأمير فما يأتيني النوم حتى أصبح، ولست للأمير على عمل، فكيف إذا كنت للأمير على عمل؟ وايم الله، ما أعلم الناس هابوا أميراً قط هيبتهم إياك أيها الأمير. قال: فأعجبه ما قلت. قال: أعد عليّ، فأعدت عليه فقال: أما قولك: إن يعفني الأمير فهو أحبّ إليَّ، وإن يُقحمني أقتحم، فإنا إن لا نجد غيرك نقحمك، وإن نجد غيرك لا نقحمك، وأما قولك: إن الناس لم يهابوا أميراً قط هيبتهم إياي، فإني والله ما أعلم اليوم رجلاً على ظهر الأرض هو أجرؤ على دم مني، ولقد ركبت أموراً كان هابها الناس، فأخرج لي بها. انطلق يرحمك الله. قال شقيق: فخرجت من عنده وعدلت من الطريق عمداً كأني لا أنظر.
قال الحجاج: أرشدوا الشيخ، أرشدوا الشيخ. حتى جاء إنسان فأخذ بيدي، فأخرجني، فلم أعد إليه بعد [1].
9 - مواقفه مع سالم بن عبد الله بن عمر:
عن عطاء بن السائب، قال: دفع الحجاج إلى سالم بن عبد الله سيفاً، وأمره بقتل رجل، فقال سالم للرجل: أمسلم أنت؟ قال: نعم، امض لما أمرت به. قال: فصليت اليوم صلاة الصبح؟ قال: نعم، قال: فرجع إلى الحجاج، فرمى إليه السيف، وقال: إنه ذكر أنه مسلم، وأنه قد صلَّى صلاة الصبح، فهو في ذمّة الله، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من صلّى [1] سير أعلام التابعين، ص317، 320، وانظر: سير أعلام النبلاء، 4/ 161 - 166، برقم 59، والطبقات الكبرى، 6/ 154 - 159، برقم 1984، وتهذيب الكمال، 12/ 548 - 554، برقم 2767، وحلية الأولياء، 4/ 106 - 120، برقم 253.