وأمرت راعيةً عندنا أن تُشْغِلَني عنها ((والراعية هي رفعة بنت جبران بن محمد بن جازعة، وهي بنت عم الوالدة، وهي أم زوجتي أم عبد الرحمن))، فوضعت الوالدة في الجبل، وكان من عادة النساء إذا أردن الوضع أن تذهب إحداهن لأعلى الجبل، لتستتر عن الناس، وتبتعد عنهم حتى لا يسمعوا ما يحصل عند الوضع، والله أعلم.
وكان ذلك الزمن يُعرَف بخريف كويع، وهو سيل شديد قلع الأشجار، وأهلك كثيراً من الناس، وحصل به دمار عظيم، ومات فيه خلق كثير، منهم رجل يقال له: كويع، فأرّخوا به هذه الحادثة، وهو عام 1375هـ.
ثم لم تحمل الوالدة بعد الأخ حسين مدة ست سنين تقريباً، واستمرّوا على ما هم عليه من رعي الأغنام، والتنقلات من مكان إلى مكان على حسب الأمطار، ومواقع القطر، وشعف الجبال، والأودية، والشعاب.
وفي عام 1382هـ وضعت الوالدة الأخ الشقيق الدكتور سعداً أبا عبد العزيز، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود، أمدَّ الله في عمره على طاعته.
وكنت على علمٍ بما يحدث، وكانت الولادة آنذاك في شعبٍ يقال له قرضة، في حدباء يُقال لها: البيضاء، وشِعب قرضة وحدباء البيضاء بداية سيلهما من جبال السود جنوب شعب شوحطة الذي وُلِدْتُ فيه، فإذا ذهب الذاهب إلى جبال السود من أعلى قرضة، وتجاوز الجبل، وقع في