نام کتاب : مجلة «الزهور» المصرية نویسنده : أنطون الجميل جلد : 1 صفحه : 145
بل تعالوا ننقله إلى جبانة القرية، فيكون له من أرواح جدودنا رفاقاً يناجونه في سكينة الليل ويقصون عليه أخبار حروبهم وأحاديث أمجادهم.
فتقدم الزعيم إذ ذاك إلى وسط رجاله وأسكتهم بإشارة ثم قال متنهداً: لا تزعجوه بذكرى الحروب ولا تعيدوا على مسامع روحه الحائمة فوق رؤوسنا أخبار السيوف والرماح، بل هلموا نحمله ببطء وهدوء إلى مسقط رأسه، ففي ذلك الحي نفس ساهرة تترقب قدومه، نفس حبيبة تنتظر رجوعه من بين الأسنة، فلنعيده إليها كيلا تحرم نظرة من وجهه وقبلة من جبينه.
حملوه على المناكب، مطأطئي الرؤوس خاشعي العيون، ومشوا ببطء محزن يتبعهم فرسه الكئيب يجر مقوده على الأرض ويصهل من وقت إلى آخر فتجيبه الكهوف بصداها، كأن للكهوف أفئدة تشعر مع البهيم بشدة الضيم والأسى.
بين أضلع ذلك الوادي حيث أشعة القمر تسترق خطواتها، سار موكب النصر وراء موكب الموت، وقد مشى أمامهما طيف الحب جاراً أجنحته المكسورة.
- باريس 4 (أيار) مايو 1910
جبران خليل جبران
جبران خليل جبران كاتب اشتهرت كتاباته في أمريكا وامتاز برقة الشعور وسمو الخيال ثم سافر إلى باريس لإتقان فن التصوير. فأصبح يصور بالكلام أو بالألوان ما يجيش في
خاطره أجمل تصوير. وقد أرسل إلينا هذه المقالة اللطيفة من فرنسا بعد أن انقطع مدة عن الكتابة.
نام کتاب : مجلة «الزهور» المصرية نویسنده : أنطون الجميل جلد : 1 صفحه : 145