نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 128
فإن كنتم تريدون الأشخاص الذين تصرحون بأسمائهم، وتعرضون بنعوتهم وسيمائهم، فقدخلطتم.
وإن كنتم تريدون المبدأ مبدأ الإصلاح حتى تموت هذه الفكرة وتنطفئ هذه الجمرة فقد غلطتم. وإن كنتم ترمون الاثنين لعلمكم أن موت المصلحين موت للإصلاح "والعكس" فقد تهتم في العماية وخبطتم.
ثم نقول لهم بشيء من التفصيل: إذا كنتم ترمون الأشخاص لذواتهم كما يظهر من كلامكم لأنهم مصلحون وليسوا بصلحاء كما يبدو لأفهامكم، فطالما ظهرتم بمظهر الناصح بما لم ينتصح فيه، والواعظ بما لم يتعظ به، والمعلم لما هو أجهل الجاهلين له، والكاذب على الله ورسوله وصالح المؤمنين فلم يبقَ لكم محمل تحملون عليه في هذه إلا الغش لأمة محمد. والغش لها مدرجة الخروج منها وأخسر بها صفقة. ثم أية نتيجة تظفر بها أيديكم من وراء رمينا بالتُّهم والشناعات؟ إن كنتم تريدون بذلك تنقيص حظنا من الاعتبار الدنيوي والجاه الكاذب، فقد بعنا حظنا منه بخردلة إلا ما كان في حق الله حتى يقضى، أو في نصر ددينه حتى يرضى. وإن كنتم ترمون الفكرة فكرة الإصلاح فقد طاش سهمكم فإن فكرة الإصلاح حق ومغالب الحق مغلوب ومحاربه محروب- نعم إن الإصلاح حق وما وراء الإصلاح إلا الإفساد وأنتم أهله. وهل بعد الحق إلا الضلال وأنتم خيله الموجفة ورجله، ولكن الحق لا يغلب. وإن كنتم ترمون المصلحين ليموت الإصلاح بموتهم فهذا محل الضعف من إدراككم، فإن الإصلاح لا يموت بموت المصلحين الذين تعرفونهم. وإن الإصلاح أمانة إلهية تنتقل من صدر إلى صدر ولا تدخل مع الميت إلى القبر. فلم يبق لكم محمل تحملون عليه في هذه إلا محادة الحق وقد حقّت عليكم الكلمة ويوشك أن يأخذكم الله بعدله.
ثم نقول لهم ما هو أبعد عن أفهامهم وأشدّ منافرة لتصوّراتهم وأوهامهم وهو أن هذه الجمعية التي تحاربونها في أشخاصها ومبدئها قد كوّنتها الأمة وأنتم منها، فهل تكذبون النفس أو تعاندون الحسّ؟
نقول إن هذه الجمعية (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) كوّنتها الأمة، ونزيد القول بأن جميع أفراد الأمة أنصار لها شعروا أو لم يشعروا.
ومعنى هذا أنه ما تهيأت وسائل تكوين الجمعية وتهيأت أسبابها إلا بعد أن صارت حاجة من حاجاتها وإلا بعد أن استلزمتها ضرورتها الاجتماعية واقتضتها سنة تعاقب الأطوار، ولماذا لم تنشأ في أول القرن الرابع عشر الهجري أو في أول القرن التاسع عشر الميلادي مثلًا؟ السر في ذلك هو أنها دفعت إلى التكوين دفعًا بعوامل أقواها الشعور بحق كان مهجورًا وبحال أمثل من الموجود كان مقبورًا.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 128