نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 139
أيها الإخوة الكرام،
يقول فريق من الناس ممن لم يرزق صوابًا في الرأي ولا سدادًا في التفكير، إن الجمعية فرّقت كلمة الأمة وجلبت عليها الاضطراب والفتنة والتشويش، في كلمات من هذا القبيل لا تصدر إلا ممن لم يعرف موقعه من الأمة ولا موقع الأمة منه، وليت شعري، متى كانت هذه الأمة مجتمعة حتى يقول قائل إن الجمعية فرّقتها؟
وأنّى لها أن تجتمع، وان أمامها في كل طريق ناعقًا ينعق باسم طريق وداعيًا يدعو إلى التفريق؟
بل كيف تجتمع وللشيوخ فيها ما للذئاب الضارية في قطيع الغنم؟ أم كيف تجتمع والشيوخ قد قسموها إلى مناطق نفوذ، وأحاط كل شيخ رعيته بأسوار منيعة من الترغيب والترهيب؟
كيف تجتمع وأتباع كل طريقة يعتقدون أنهم أهدى سبيلًا من أتباع بقية الطرق، وأن طريقتهم تضمن لسالكها الغنى في الدنيا وحسن الخاتمة عند الموت، وإن قتل النفس التي حرّم الله بغير حق؟
أم كيف تجتمع وفيهم من يرى من واجبات طريقته ومن شروط المحافظة عليها أن لا يصلي خلف طرقي آخر يخالفه في الطريقة- وإن اشتركا في لقب الإسلام- لا لشيء سوى ذلك؟ ونحن نقول لهم إذا كانت الأمة قبل اليوم متفرّقة وكلها على باطل، فهي اليوم- بحمد الله وبفضل هذه الجمعية- متفرقة وبعضها على الحق. وإن أهون الشرّين ما بعضه خير.
ويقول فريق آخر إن هذه الجمعية ضالّة مضلّة، وإنها عاملة على هدم الدين في ألفاظ محوكة على نول من الباطل، وهؤلاء القائلون موتورون، والموتور معذور، فهم يتحاملون على الجمعية ويحملون لها بين جنوبهم مكائد وأضغانًا ويرون أنه لا يتم وجودهم إلا بعدمها، وقد ناصبها هذا الفريق العداوة من يوم تأسيسها، ورأى فيها نذير الشؤم وطائر النحس، ولمح فيها زوال سلطانه المحدود على هذه الأمة الضعيفة، فهو يرمي هذه الأقاويل بين أظهر الغافلين للنيل من كرامة الجمعية والتنقيص من قيمتها، إذ أعجزهم أن يقابلوا حقّها بباطلهم، وقد كانت هذه الطوائف كثيرة فقلّلها الله، ومعتزة بباطلها فأذلّها الحق.
ولو أن هذه الطائفة أوتيت قليلًا من الرشد والإنصاف لكانت للجمعية مكان الأخ من أخيه، ولحمدوا لها سعيها في خدمة الأمة، ولعادوا من نحلهم المفرّقة إلى دعوتها الجامعة التي هي دعوة الله لخلقه على لسان أنبيائه.
{وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 139