نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 178
الجيل البائد في وطننا هذا وفي غيره يرددونها مقرونة بالسب واللعن، وقد ورثها عنهم أهل هذا الجيل واشتقوا منها اشتقاقات غريبة، وهي أسلحتهم التي يقذفون بها في وجوه المصلحين كلما أعيتهم الحجة، وأعوزهم الدليل.
وكان الأستاذ الإمام أعجوبة الأعاجيب في الألمعية وبعد النظر وعمق التفكير وحدة الخاطر واستنارة البصيرة وسرعة الاستنتاج واستشفاف المخبآت، حكيم بكل ما تؤديه هذه الكلمة من معنى.
منقطع النظير في صدق الإلهام وسداد الفهم، وصدق العزيمة، وخصب القريحة واستقلال الفكر، ونصاعة الاستدلال، وتمكن الحجة.
موفور الحظ من طهارة الدخلة، والانطباع على الفضيلة، مستكمل الأدوات من فصاحة المنطق، وذلاقة اللسان، وقرطسة الفراسة، ودقة الملاحظة، وسلاسة العبارة، ومطاوعة البديهة، ورباطة الجأش، وكبر الهمة ووفرة الملكة الخطابية، وقوة العارضة في البيان، واتساع الصدر لمكاره الزمان وأهله.
حجة من حجج الله في فهم أسرار الشريعة ودقائقها وتطبيقها، وفي البصر بسنن الله في الأنفس والآفاق، وفي العلم بطبائع الاجتماع البشري وعوارضه ونقائصه.
وبالجملة، فالرجل فذ من الأفذاذ الذين لا تكونهم الدراسات وإن دقت، ولا تخرجهم المدارس وإن ترقت، وإنما تقذف بهم قدرة الله إلى هذا الوجود وتبرزهم حكمته في فترات متطاولة من الزمن على حين انتكاس الفطرة، واندراس الفضيلة وانطماس الحقيقة، فيكون وجودهم مظهرًا من مظاهر رحمة الله بعباده وحجة للكمال على النقص، وإصلاحًا شاملًا وخيرًا عميمًا.
ولو أن قول الشاعر:
هَيْهَاتَ لَا يَأْتِي الزَّمَانُ بِمِثْلِهِ … إنَّ الزَّمَانَ بِمِثْلِهِ لَبَخِيلُ
لم يبتذله المترجمون للرجال بوضعه في غير موضعه حتى صاروا ينشدونه في حق أشخاص يتكرم الزمان علينا بمآت من مثلهم في كل جيل، لولا هذا الابتذال السخيف لهذا البيت لقلنا: إن أحق رجل بانطباقه وصحة إطلاقه عليه هو الأستاذ الإمام. فرضي الله عن الأستاذ الإمام.
حمل لواء الإصلاح بعد موت الإمام تلميذه الأكبر ووارث علومه السيد محمد رشيد رضا. وقد كان في حياة الإمام ترجمان أفكاره باعتراف الإمام، والمنافح عنه والمدافع دونه. واضطلع بعد موته بحمل أعباء الإصلاح حين نكل عن حملها أقوام، وضعف عن حملها
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 178