responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 19
الديني" [17]، وقد قام بهذه "الوظيفة" أحسن قيام في جميع مراحل حياته، مما جعله يرفض رفضا قاطعا كل العروض التي تقدمت بها السلطات الفرنسية لمناصب متعددة، معتبرا الوظيفة عند الحكومة رقًا، وأن ولاء العالم الديني للقرآن لا للسلطان، وأن ولاء المثقف للحكمة لا للحاكم. فبعد عودته إلى وطنه من رحلته المشرقية الأولى في العشرينات كانت الأمية سمة الأغلبية الساحقة من المجتمع الجزائري، وكانت هناك أقلية- لا تتعدى المئات- يمكن أن نطلق عليها اسم الطبقة المثقفة، وكانت هذه الطبقة تعيش بالوظيف: فالمثقف بالفرنسية معلم ابتدائي أو موظف بالبلدية، والمثقف بالعربية إما مُفْتٍ، أو إمام، أو قاضٍ، وكلهم يتقاضون مرتبات من الحكومة الفرنسية، وضمن هذه الأقلية هناك أفراد رفضوا الوظيف، منهم الإبراهيمي الذي عرض عليه منصب الإفتاء في مدينة سطيف في العشرينات، ثم منصب الإفتاء بمدينة بجاية سنة 1931 [18]، وفي بداية الحرب العالمية الثانية أعادت الحكومة الفرنسية الكرة وعرضت عليه إنشاء منصب "شيخ الإسلام" بالجزائر وبإسناده إليه إن قبل إلقاء أحاديث إذاعية تأييدا لفرنسا ضد ألمانيا، فرفض، وكلفه ذلك النفي ثلاث سنوات بقرية آفلو.
وأشهد أنني عندما نجحت في امتحان البكالوريا سنة 1949، استشرت والدي عن نوعية الدراسة العليا التي ينصحني باتباعها، فقال لي- رحمه الله: اختر ما شئت، شريطة أن تمارس مهنة حرة، وألا تصبح موظفا عند الحكومة الفرنسية. وعندما أخبرته أنني سجلت في كلية الطب أهداني نسخة نادرة من "القانون في الطب" لابن سينا قائلا: هذا نموذج من مساهمة أجدادك في علم سوف تخوض غماره.
وحتى إذا كان الحاكم من بني جنسه ودينه كان الإبراهيمي يؤمن أن الكلمة أثمن من أي سلاح، وأن مهمة الفكر هي إيقاظ ضمير الدولة لا خدمة رِكابها، وأن علاقة المثقف بالسلطة لا يمكن أن تكون علاقة ولاء. وهكذا- في رحلته المشرقية الأولى- طلب منه الملك فيصل بن الحسين بدمشق أن يتولى إدارة معارف الحجاز فرفض وفضّل العودة إلى الوطن [19].
وهكذا إبّان حرب التحرير الجزائرية (1954 - 1962) أعلن تأييده للثورة فور اندلاعها قبل كل الشخصيات المعروفة آنذاك، ثم قدّم خدمات جليلة للثورة، داعيًا إليها، منوّهًا بعظمتها، مطالبًا الدول الإسلامية بدعمها بالمال والسلاح والدبلوماسية [20]. ولكن عندما

17) آثار الإمام الإبراهيمي، "وظيفة علماء الدين"، ج 4، - صلى الله عليه وسلم - 109.
18) محمد الصالح الصديق: مجلة الثقافة، الجزائر، عدد 87، مايو 1985، - صلى الله عليه وسلم - 365.
19) آثار الإمام الإبراهيمي، ج 5، - صلى الله عليه وسلم - 166.
20) آثار الإمام الإبراهيمي، ج 5، وأغلب ما احتوى عليه الجزء الخامس من آثار الإمام في خدمة الثورة التحريرية بالجزائر.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست