نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 197
من حسناتها مقاومة التبشير، خامسًا: قعود علماء الدين عن المقاومة وسكوتهم عن المعارضة قبل جمعية العلماء.
ولكن الواقع أن التبشير مع طول المدة واستكمال العدة لم يلق النجاح الذي يتناسب مع الجهود المبذولة فيه، والسبب الأكبر في ذلك يرجع إلى شيء واحد هو تصلب الجزائري في دينه مهما بلغت به العامية والأمية والفقر.
هذا كله قبل وجود جمعية العلماء، فأما بعد وجودها- وما وجودها ببعيد العهد- فإن من برنامجها مقاومة التبشير بقدر المستطاع، وإلى الآن لم تتوفر لديها الوسائل الكافية لتنظيم مقاومة منتجة، وأهم عنصر في هذا الباب هو المال، ورغمًا على ذلك فقد ارتفعت أصوات حارة بمقاومة التبشير من جوّ جمعية العلماء في المحاضرات العامة والصحف السيارة.
ولكنا نعتقد، كما هو الواقع، أن الأقوال ليست هي السلاح الذي يحارب به التبشير مهما كانت حارة بليغة متينة الحجة، وقصاراها التحذير من الوقوع في اشراك المبشرين. وإنما السلاح الماضي الفتاك في هذا الميدان هو المال. ولعمري كيف تستطيع أن تقاوم جمعيات منظمة من ورائها أمم غنية تغدق عليها المال، مجهزة بالجيوش الوفيرة من الرهبان والراهبات والأطباء والممرضات، يوحد الجميع أخلاق ممتازة من الصبر والثبات والإيمان الجازم بحسن عاقبة ما وقفوا أنفسهم له.
ولو أن عند أغنياء المسلمين بعض ما عند هؤلاء من سماحة اليد في سبيل الدين، لطووا هذا التبشير الزائغ ولنشروا الإسلام في أقطار الأرض كلها، وإن دينهم ليأمرهم بهذا، ولكن أين هم من دينهم؟
موقف الجمعية من بقية الرذائل:
لا نبالغ إذا قلنا إن من بواكر النجاح الأولى التي جنتها جمعية العلماء، إرجاع الغاوين من المسلمين إلى حظيرة الدين، ولا يحصى عدد الذين تأثروا بمواعظها فأصبحوا يحافظون على الصلوات بشروطها الحسية والمعنوية، ولا عدد الذين هجروا أم الخبائث "الخمر". بل لقد كانت نتائج الإعراض عن الخمر ملموسة بارزة ضج لها تجار الخمر وتنادى بائعوها بالويل والثبور وتعالت أصواتهم بالتذمر، كما تعالت أصوات مشائخ الزوايا وسدنة القبور.
وبالجملة، فقد وقفت الجمعية من جميع الرذائل المتفشية في الأمة الجزائرية- من خمر وفجور، ومسارعة في الأيمان الفاجرة، وترك صلاة، وشهادة زور- موقف الخصم الجبار، وحملت عليها- وما زالت تحمل- حملات صادقة شكرها لها المنصفون وإن قلل من شأنها المتعسفون.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 197