نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 240
ومجموعة من الرطانات لا تجلي قصدًا ولا تبين مرادًا ولا تترجم عن مكنون، وقد استولت على الألسنة والأقلام فأصبحت تسمّى لغة.
وأمشاج متنافرة من التقاليد الزائفة والعادات المرذولة داخلت المجتمع فأصبحت تسمّى اجتماعًا، هذا هو الباب الأخير من تاريخ الماضي الذي استجلته الأمة الجزائرية فلم يجل لها إلا المحزن المكرث.
ثم انفتحت عينها من حاضرها على دين قد عبث به العابثون واتخذوه مكسبة، وأزهقوا روحه وجرّدوه من أسباب القوة والتأثير، وعطلوه من خصائصه ومزاياه، وكانوا عونًا لأعدائه على هدمه، وعلى دنيا ليست كدنيا الناس وكأنما اقتطعت من زمان غير هذا الزمان لتبقى أثرًا عاديًا في متحف الوجود ممثلة للعيان ما تمثّله الصورة الفوتوغرافية في كتاب تاريخ ...
وعلى رقعة من الأرض زكية الاغلال طيبة الغلال، تناهبتها الأيدي العاتية وتقاسمتها الكتائب المغيرة حتى لم يبق لها منها إلا حظ الميت، قبر يمسح بالشبر ولكنها على رغم ذلك تسمّى وطنًا.
وعلى أوشال من الرزق يبضّ بها الكد المرهق وينتضح بها العرق المتصبب، وينطف معها دم المهج، وتنتزع من أنياب الأفاعي انتزاعًا ولكنها مع ذلك كله تسمّى مالًا ...
وعلى غثاء من الأناسي كغثاء السيل المتساوي الغيبة والمشهد في تقدير حياته، لا يحكم ما يريد ولا يفقه ما يراد به، قد محت الأحداث من مخيلته معنى الماضي فهو يعيش بلا ماض، ومعنى المستقبل فهو لا يفكر في مستقبل إلا بأضعاث من الآمال لم تسندها أعمال، كل اعتماده في المستقبل على ميت مقبور أو معدوم (منتظر)، ولكن هذا الغثاء برغم ذلك كله يسمّى أمّة ...
وعلى قضايا ملفوظة ومسائل محفوظة، مقطوعة العلائق مع أدلّتها، مجفوة الأرحام من أصولها تسلخ عليها الأعمار، وتقطع عليها الأنفاس، لم يعمل فيها فكر ولم يرضها تمحيص، ولكنها مع ذلك تسمّى علمًا ...
وعلى عوائد متوالدة بين أب (باهلي) وأم حنظلية، وقد فاض عليها جلال الدين وقدسية العبادات فأصبحت تسمّى شعائر دينية ...
وعلى قيادة روحانية سفيهة شهوانية عارمة، تحكمت في أفكار الأمّة بالوهم، وتسلطت عليها بما يشبه التنويم المغناطيسي، ومكّنت فيها للذلة والفقر فهيأتها للفناء العاجل كل ذلك باسم الدين.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 240