نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 334
المناوي- فسمعت من بعض ما كان يقول قوله: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرى من أمام كما يرى من خلف بعينين خلقهما الله في قفاه ... وكان بجنبي فقيه مقرئ، خفيف الروح، سلفي النزعة، فتغامزنا بالإنكار ولم نستطع جهرة إذ كان ذلك قبل انتشار الحركة الإصلاحية، ثم أسر إليّ على سبيل الدعابة قوله: أبى الله إلا أن نكون أسبق منكم لكل شيء فعندنا من هذه (الماركة) من العلماء من يقول ويكتب: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يولد من السبيل المعتاد ...
ولبثت الجزائر محرومة من هذا النوع المفيد الذي يغرس المعاني السامية في النفوس بأسبابه وبواعثه، ويزرع المبادئ العالية والمعارف والآداب في العقول بما يقال فيه إلى أن كان عهدها الأخير وكانت نهضتها العلمية الدينية. فلأوائل هذه النهضة شعرت بما للاحتفالات من أثر صالح في النهضات، فالتفتت إليها وجعلتها إحدى ذرائعها لتعضيد الأعمال والمشاريع ونشر المبادئ الصالحة وبث الأفكار النافعة، وترقت بها مع الزمن حيث النظام واختيار المناسبات حتى أصبحت تنافس أرقى ما عُرف من نوعها عند الأمم الأخرى.
...
لعل أروع احتفال شهدته الجزائر في عهدها هذا هو الاحتفال بفتح مدرسة «دار الحديث» بتلمسان في أواخر شهر سبتمبر من السنة الخالية، فقد كان بدعًا من الاحتفالات في نظامه. وفي ضخامة العمل الباعث عليه، وفي جلال المناسبة والذكرى، وفي احتشاد الأمّة له، وفي علوّ الطبقة التي شهدته وتكلّمت فيه من العلماء والشعراء، وقد وصفته الجرائد في حينه، وإنما جلبته هنا مناسبة الحديث عن الاحتفالات.
ثم جاء الاحتفال بختم الأستاذ عبد الحميد بن باديس لدروس التفسير بالجامع الأخضر بقسنطينة- وهو الذي ألهمنا كتابة هذه الكلمة- فكان شاهدًا لما ذكرناه قريبًا من تطور هذه الأمّة في هذه الناحية، ودليلًا على أن نظام الاحتفالات بلغ في هذا القطر كماله، وعلى أن روح التأسّي في الصالحات حييت في هذه الأمّة وانتعشت، وانها أصبحت تهتبل الفرص المواتية فتحسن الاختيار.
أذكر أننا كنا في جماعة من الرفاق الأوفياء، تذاكرنا مرّة في إقامة حفلة تكريم لرفيقنا الأستاذ بن باديس تنويهًا ببعض حقه على العلم وشكرًا لأعماله الجليلة وآثاره الحميدة في التعليم بهذا الوطن، واعترافًا بكونه واضع أسس النهضة. وإنصافًا لكونه أسبقنا إلى التعليم وأشدّنا اضطلاعًا به وأكثرنا إنتاجًا وتخريجًا فيه ... وذهبنا في تقدير الفوائد التي تُجنى من هذا الاحتفال مذاهب لا غلوّ فيها ولا إسراف. ثم فاتحنا أخانا الأستاذ بهذه الفكرة، فكان الجواب قوله: دعوا هذا حتى تختم دروس التفسير- وبيننا يومئذ وبين الختم سنوات-
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 334