responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 35
إن المدرك لروح فلسفة جمعية العلماء، العارف بمنطلقاتها الفكرية، العالِمَ بمقاصدها. المطّلع على أدبياتها يستيقن أن إسهام العلماء في هذا المؤتمر لم يكن إلا موقفًا مرحليًا، هدفوا من ورائه- في حال استجابة فرنسا لمطالب المؤتمر- إلى تخفيف الضغط عن الشعب الجزائري، وتحسين حالته الاقتصادية المتردية وأوضاعه الاجتماعية المأساوية، ورفع القيود عن التعليم العربي، ونيل نصيب من الحرية يمكّنهم من تثبيت أسس مشروعهم الحضاري الذي يُعد الشعب الجزائري ليوم الفصل، الذي يحق الحق ويبطل الباطل؛ فإن لم تستجب فرنسا لتلك المطالب - وهو ما كان العلماء يعلمونه علم اليقين، ويرونه رأي العين- اتخذوا من ذلك الرفض حجة أخرى يقنعون بها الذين يحسنون الظن بفرنسا أنهم لن ينالوا منها شيئًا، وأن وعودها برق خُلب. أما الموقف الحقيقي للجمعية فهو ما عبر عنه الإمام، الإبراهيمي في ذلك الوقت بقوله: "إن الحقوق التي أخذت اغتصابًا لا تُسْتَرجَعُ إلا غلاَبا، [35].
لم تخش فرنسا المطالب التي أقرها المؤتمر الإسلامي، فقد سبق للجزائريين أن قدموا - مَثْتى وفُراد - مثلها، ولكن الأمر الذي أَقَض مضجعها وأطار النور من عينيها، وأوجست منه خيفة هو تجمُّع الجزائريين في هيئة، واتحاد كلمتهم.
كانت فرنسا تعلم أن الذي استطاع جمع الجزائريين على كلمة سواء هي جمعية العلماء، لأنها- فرنسا- تعرف "أن العربي في الجزائر، الذي لا يملك شيئًا يقتات به، ليس له إمكانية للتعبير عما يريده وما يرفضه في المجال السياسي سوى السير وراء ما يعتقده أنه طبقًا لعقيدته الإسلامية … ومن هنا كانت استجابته لتوجيه العلماء" [36]، لذلك قررت أن تقضي عليها، وأن تتخلص من رؤوسها المفكرة، وأن تئد عقولها المدبرة، وأن تسكت ألسنتها المعبرة، فدبرت مؤامرة في غَسَق الليل ونفذتها في وضح النهار.
كانت المؤامرة ذات ثلاثة فصول، وعُيّن لكل فصل ميقات زماني ومكاني؛ فكان الفصل الأول بمدينة الجزائر يوم 2 أغسطس1936، حيث اغتيل مفتي الجزائر، وأوحِيَ إلى القاتل أن يصرّح بأن الشيخ الطيب العقي هو الذي حرّضه على القتل. ثم حصحص الحق، وصحا ضمير القاتل فتراجع عن أقواله، فبرّأ الله العقبي والجمعية.
أما الفصل الثاني فقد جرى بمدينة قسنطينة بعد أسبوع من اغتيال المفتي بمدينة الجزائر؛ حيث أطلقت رصاصات على الشيخ الحبيباتني لاتهام الإمام ابن باديس باغتياله، ولكن الله - عز وجل- أنجى الشيخ الحبيباتني فلم يُصب بسوء، ورد الله الكائدين، فلم ينالوا ما أملُوا.

35) جريدة "البصائر"، عدد 37 الجزائر، 2أكتوبر وانظر مقال " الإصلاح الديني لا يتم إلا بالإصلاح الاجتماعي " في هذا الجزء من الآثار.
36) باول شميتز: الإسلام قوة الغد العالمية. تعريب: محمد شامهْ، القاهرة، مكتبة وهبة1974، - صلى الله عليه وسلم - 145.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست