نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 370
تلمسان وابن خلدون*
رأت تلمسان قرى ومدنًا لا تساويها في القيمة العلمية والجلالة التاريخية تهتمّ وتفتخر برجال من أبنائها لا يساوون في النبوغ والعظمة ذلك الرجل الذي قلّب وجه التاريخ، بما وضع له من قواعد، وشرع له من سُنن، وابتدع له من جديد، وحمى له من حمى، وهو أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون، وأرادت تلمسان اليوم- وهي المدينة الكريمة- أن تُكرم هذا الرجل الذي أكرمها وكان أحد بناة مجدها، وأن تعرف له بعض حقّه، وأن تحيي ذكره بإحياء ذكراه، فأوحت إلى أحد أبنائها- كاتب هذه الأسطر- أن يقوم بهذا الواجب عنها في هذا اليوم الذي تتم به خمسة قرون وسبعون سنة على آخر وفادة وفدها هذا العبقري العظيم على هذه المدينة، تذكارًا لصلته بها وصلتها به، ولما أبقاه لها في تاريخه من فخر خالد، وما أبقاه على ثراها من أخ برّ، هو أبو زكريا يحيي الذي زان سلطنة بني زيان وحفظ أمجادها في كتابه "بغية الرواد" وعسى أن أقوم في هذه العجالة بما يقتضيه وحي هذه الأم من الوفاء لها ولابن خلدون، أبيّن سيرته وأحلّل حياته وأكشف عما بينه وبين تلمسان من وشائج القربى، وعما كان لها من تأثير في عقليته العظيمة ومداركه الواسعة بما لقّنه علماؤها من فنون وعلوم.
...
لم يكن ابن خلدون تلمسانيًا بمعنى أنه وُلد فيها ونشأ بين ربوعها أو كان له سلف من أهلها، وإنما هو حضرمي الجذم يتصل بأقيال (حضرموت) اتصالًا يرجع إليه ما في الرجل من سمة الملك والتسامي للملك، ثم يبتدئ في الإسلام بوائل ابن حجر الصحابي الجليل ابتداءً
* "الشهاب"، المجلد 14، الجزء6، أوت 1938 (بدون إمضاء).
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 370