نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 389
وقد ناضل إبراهيم- عليه السلام- في محاربة الأوثان، واستدل بالمكونات على المكوّن إلى أن أعياه أمرها، فهاجر إلى ربّه وترك قومه وما يعبدون، والعبرة الكبرى في نقل إسماعيل- عليه السلام- إلى أرض الحجاز، وسكنى إسحاق بأرض كنعان، إذ أخرج الله من صلبيهما فرقتين عظيمتين العرب وبني إسرائيل، وقد جدّد الله لهما دين أبيهما على يد الرسل- عليهم السلام-، فأما بنو إسرائيل فقد كانوا يقابلون رسلهم بما قصّه الله علينا في القرآن مثل قوله تعالى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}، {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا}، {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}، زيادة على قتلهم الأنبياء بغير الحق، فكانت العاقبة عليهم وضربت عليهم الذلّة والمسكنة، وأما بنو إسماعيل من العرب فقد آووا ونصروا وأوذوا في نشر الدعوة إلى الله بما هو معلوم، وما دخلت عليهم الدخائل إلا بعد موت محمد - صلى الله عليه وسلم - على يد علماء السوء من أمته، وبهذه النظرة الملقاة على تاريخ الأمتين يتبين نجاح دعوة محمد- عليه السلام- ومحاربته للأوثان، فإنه ما مات حتى هدّمها بيده الشريفة، وطهّر وطنه منها بيد أن إبراهيم- عليه السلام- هاجر من أرضها.
ولم يكتف نبيّنا من هدم الأصنام حتى هدّم محبّتها من القلوب، وشيّد بدلها إيمانًا صحيحًا مكانها، ثم عرج الأستاذ على ما وصلت إليه أمة محمد- عليه السلام- من انحطاط الأخلاق، وإن السبب الوحيد في هذه الوثنية التي لا تزال القلوب تحنّ إليها هو البعد عن القرآن وما جرّ على المسلمين هذا البلاء الذي ملك عليهم أمر دينهم ودنياهم إلا سكوت علمائهم وضعفهم عن مقاومة الحجّة بالحجّة والدليل بالدليل إلى آخر ما قال، وبعد أن أتمّ الدرس قدّم الأستاذ الشيخ عبد الحميد ابن باديس ليلقي كلمة على الحاضرين، فكانت تلك الكلمة درسًا عظيمًا يجدر بنا أن ننبّه عن نقط هامة من هذا الدرس الجليل. قال - حفظه الله- بعد الحمدلة والتصلية:
هذه كلمة ليست درسًا مستقلًا بنفسه، وإنما هي تتميم لدرس الأخ الأستاذ الإبراهيمي، اقتضاها حديث مجلس دار فيه كلام بيني وبين الإخوان على أن الاسم دليل على المسمّى، واننا كثيرًا ما وجدنا مطابقات بين الاسم والمسمّى، وذلك مطرد حتى في تسمية الأولاد.
وقد عرف العرب هذا، واستشهد بتسمية عبد المطلب لنبيّنا- عليه السلام-، وبما قيل له في ذلك وبما أجاب. والقصد من هذا الاستدلال أن المسمىّ للشيء يلاحظ معنى ذلك الاسم.
وإننا نجد في القرآن أسماء الله تعالى من هذا القبيل، كما نجد ذلك في أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - التي في القرآن والتي في حديث: لي خمسة أسماء الخ الحديث.
ومن تفقّه في أسماء القرآن كان له الحظ العلمي والعملي، ذكّرني هذا قوله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ ... }، فقد سماه الله كتابًا، وقرآنًا، وفرقانًا، وذكرًا، وبلاغًا، ونورًا.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 389