نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 45
محمد بن شنب*
ما هذا الجمع الحاشد؟ وما هذه الزمر المحدودة؟ وما للأحياء حشروا في صعيد الأموات؟ أجل، ما لهذا الفريق الممتاز من إخوان الأدب وأخدان العلم وعشراء البحث ورصفاء التفكير وأسرة الكتابة والقلم- يظهرون بهذا المظهر الرهيب. وينزعون هذا المنزع الغريب، - لولا داع دعا وباعث بعث وسايق حث فأزعج.
بلى ما هذا الحشد فوق التراب إلا لقضاء حق عزيز ثوى تحت التراب.
مات محمد فعرفت هذه الطائفة من مات، وعرفت أنه مات فبكت فضله المدفون ونفعه الذي فات.
مات محمد فأسف العارفون لفضله على فضله وما هو بالذخيرة المنزورة ولا الحظ المنقوص ولكنه البحر فيضا وسعة جوانب. وأسف المشفقون على هذا الوطن البائس أن ينقصف علمه المفرد وواحد الآحاد فيه قبل أن تتحقق آماله في العلم أو تتحقق آمال العلم فيه.
مات محمد فأيقن زملاؤه وشركاؤه في الصنعة أنهم فقدوا بفقده ركنا من أركان العلم الصحيح، وعلما من أعلام التاريخ الصحيح، ومثالا مجسما من الأخلاق العالية والخلال الرفيعة، لا بل فقدوا معيارا من أصدق المعايير لقيم الروايات وعينا لا تغر صاحبها بالسراب، لا بل فقدوا عقلا هذبه العلم وعلما هذبه العقل فأنتجا خير النتائج، لا بل فقدوا مثالا كاملا من حياة العمل والنشاط والعبادة للعلم والفناء في العلم.
* خطبة ألقاها الإمام في حفل تأبين الفقيد محمد بن شنب بالعاصمة، مجلة الشهاب: الجزء الرابع، المجلد الخامس، ماي 1929، ص7
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 45