نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 53
إذا أحسنا تسيير الجهود الفردية في التربية المنزلية، لأن لنا أساسا نبني عليه ولا يعسر جد العسر إحياؤه وهو الأخلاق الإسلامية المتوارثة في الجملة والتي نجد معظمها في القرآن في أوضح عبارة وأوضح بيان، ثم الأخلاق العربية المأخوذة من آدابهم التي هي أنفس ما خلفوه لنا من التراث.
فإذا تمكنا بالتدريج من قمع هذه الجراثيم الأخلاقية التي أفسدت مجتمعنا، وتكوين أفق أخلاقي، صالح، نكون قد جنينا من اجتماعنا شيئا هو ثمرة الثمرات وفائدة الفوائد. وأما اللازم الثالث وهو العلم بمعناه العام فالحقيقة الواقعة أننا لا زلنا فيه في مؤخرة الأمم، وغاية ما نبني عليه الأساس في هذا الباب هو هذا الشعور الذي نشاهده في جميع طبقاتنا وأوساطنا بلزوم العلم، وهذه الرغبة المتأججة في صدور الناشئين منا للعلم.
ودوننا في الوصول إلى القدر الصالح منه عقبات أكبرها فقدان المال، فلو اجتمعنا وتظاهرنا وملأنا الدنيا أقوالا لما أفادنا ذلك من العلم قليلا ولا كثيرا بدون مال.
إذن فالواجب على هيئاتنا المجتمعة محاربة الجهل بالعلم، ولا يتم ذلك إلا بالمال وأين المال وما أقل ما يكفي منه.
لا ننكر أن عند أغنيائنا مالا يكفي لبعض الواجب، ولكن يحول دون إخراجه في المشاريع النافعة أسباب: شح مطاع في البعض وجهل بطرق النفع العام في البعض، وأخرى نشكو منها إلى الله وهي عدم ثقة بعضنا بالبعض، هذا الخلق المشؤوم الذي أصبح خلقا ذاتيا فينا ولا نبحث عن أسبابه في هذا الحديث.
تعلمون أنه وجد في هذا القطر في عهده الأخير جماعة من أبنائه البررة حاولوا التعليم بأسلوب قريب وطريقة منظمة، كل في دائرة اختصاصه، وجعلوا أعمالهم وأوقاتهم تضحية وطنية متكلين على التضحية الوطنية من جانب الأغنياء وما جاوزوا مبادئ العمل حتى أعوزهم المال وأخطأ الاتكال، هنا وقعت المشادة الكبرى- قالوا للأغنياء: هاتوا المال، فقال بعضهم: هاتوا الثقة، وقال البعض: هاتوا الثبات، وقال بعضهم: لا ادفع مالي في غير ما يخص أهلي وعيالي.
أما الفريق الثالث فقد عذرناه لأنه مخلص لشحه وأنانيته، وأما الفريقان قبله فهما تحت رجم الظنون. وكانت خلاصة هذه المشادة أن تعطلت تلك المؤسسات العلمية النافعة في أول نشأتها وحرم الوطن من فوائدها وخرج الفريقان بالأعذار الباردة كل يتنصل من العهدة والعهدة على الجميع. لو كان لنا أيها السادة جمعيات منظمة تقوم بهذا العمل لما كنا نحرم هذا الحرمان المؤلم ولشدت عضد هؤلاء المجاهدين، ولكان لها من مكانتها شفيع عند الأغنياء يقطع عذر المعتذر منهم ويخفف عاطفة الشح من الشحيح.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 53