نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 59
الإنسان أخو الإنسان*
عندنا جملة وجدت منذ وجد البشر ولم يختلف العقلاء في فهم مؤداها وهي من أفذاذ الجمل الجامعة ومن القضايا المعقولة التي تطابق العقل والدين على تصديقها واعتبارها من البديهيات المسلمة من حيث الجملة وإن اختلفا في تفصيلها. ونرى كثيرا من جزئيات الأديان السماوية راجعة إليها ومبنية عليها.
اختلف تعبير اللغات عن تلك الجملة ومآلها إلى وفاق في المعنى وترجمتها في لغتنا "الإنسان أخو الإنسان"، فهذه الجملة على قلة ألفاظها ترمي إلى معنى لو ذهب أبلغ الناس إلى تحليله وشرحه لانتهى إلى العجز ووقف دون الوصول إلى المقصود.
مؤذى هذه الجملة الصريح عقد الأخوة بين أفراد البشر بموجب الإنسانية التي هي حقيقة سارية في كل فرد.
ومقتضى هذه الأخوة أن يشارك الإنسان الإنسان في جميع لوازم الحياة سرورا وحزنا لذة وألما مشاركة معقولة تنتهي إلى حدود لا تتعداها، بحيث يعلم العالم الجاهل ويرشد النبيه الغافل ويواسي الغني الفقير ويقع التعاون المتبادل بين الناس في كل جليل وحقير.
ومن مقتضى هذه الأخوة المساواة في الحقوق البشرية العامة، تلك المسألة التي طالما بذل فلاسفة الأمم قواهم لتقريرها وتمكين دعائمها في الكون، وعملت الشرائع على تنميتها وتغذيتها بالمبادئ الصحيحة حرصا على راحة البشر وهناء الإنسانية.
من مقتضى هذه الأخوة إلغاء سنة التمايز والاستئثار التي سنها المستبدون في القرون الخالية وكانت سلاحا مهولا في وجه الحق.
* الشهاب، الجزء الثامن، المجلد الخامس، سبتمبر1929، ص: 11.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 59