responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 93
البخاري فأقبل عليه اثنان منهم وأعرض الثالث، ووجد أحد الرجلين فرجة فجلس فيها، وجلس الأخر خلف الصف استحياءً، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديثه قال: ألا أخبركم عن الثلاثة، أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه.
وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد بذل قوم في هذا الجامع أموالهم لا يرجون إلا الله والدار الآخرة، وتوقف قوم ابتلاهم الله بأن لا يخالفوا إلّا فيما اتفق عليه الناس، فكانوا سببًا في إثارة مشاكل ومعاكسات في وجه هذا المشروع عطلتْ السير ولكنها لم تأت عليه من القواعد، ومكايد ومعارضات جرحتْ ولكنها لم تصب المقتل، ولو كان شرّ هؤلاء الكائدين قاصرًا على أنفسهم لهان الأمر، ولكنهم أبوا إلّا أن يصدّوا عن سبيل الله مَن آمن به، وإلّا أن يكونوا كمن انخزل بالناس يوم أُحُد.
ولا غرابة عند العقلاء في شأن هؤلاء، فما زال الخير يُبتلى بالشرّ ليزداد الخير ثبوتًا في نفسه وثباتًا في نفوس الخيرين، وما زال الباطل يقف في جنب الحق لا ليعارضه ولكن ليكون حجّة ناطقة على أن الحق هو الحق.
أيها السادة: لقد كان في تاريخ هذا الجامع عبرة لأولي الألباب، فهو يحدثكم بالصدق أن التعاون يأتي بالعجائب، وهو يحدثكم أن الفئة القليلة تستطيع جمع الصبر والثبات وجمع الحكمة والنظام أن تأتي ما هو شبيه بخوارق العادات، وهو يحدثكم أن الباطل لا يغلب الحق وإنْ تظاهر بأعوانه وتكاثر بإخوانه، وهو يريكم رأي العين كيف يعمل الفرد للجماعة، وكيف تعمل الجماعة للأمة، وهو يحدثكم أن في هذه الأمة المسلمة المرزوءة في تربيتها وأخلاقها بقيّة خير، لو أحسن أولو الرأي منها استغلاله، ولو جروا في التصرف فيه على السداد لَجاءوها بالخير العميم، ولَمشوا بها على الصراط المستقيم.
أيها السادة: إن الرجل الوحيد الذي يعدّ بحق صاحب هذه الفكرة التي ما زلنا نبدئ القول فيها ونعيد، هو السيد الحكيم عبد القادر السماتي، رئيس الجمعية الدينية، وقد نكون ظالمين إذا سمّيناه صاحب الفكرة وسجلناها باسمه، بل هو صاحبها الذي فكّر فيها وقدّر، وهو صاحبها الذي أحكم فيها ودبّر، وهو صاحبها الذي دافع عنها وحامى، وناضل دونها ورامى، وهو صاحبها من لدن كانت في ذهنه فكرة إلى أن صارتْ على يديه جامعًا مشيّدًا، وسيبقى صاحبها بما عُرف به من جدّ وحكمة إلى أن تؤتي ثمراتها.
وإذا ذكرنا عبد القادر فإنما نذكر الإخلاص والجدّ والثبات والبصيرة، وهي خصال ما اجتمعتْ في رجل من رجالنا إلّا أخرجتْ لنا منه العمل المنظّم والتدبير المحكم، وكلَّ ذلك يجمع عبد القادر.

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست