مشروعية التعوذ قبل التلاوة وبيان معنى الاستعاذة
يستحب قبل تلاوة القرآن أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فما معنى: أعوذ؟ أي: أستجير بالله دون غيره من سائر خلقه، يعني: أعوذ بالله من الشيطان أن يضرني في ديني أو أن يصدني عن حق يلزمني له.
ومن هو الشيطان؟ الشيطان هو كل متمرد من الجن والإنس، فأي شيء يكون متمرداً من جنس معين يطلق عليه شيطان، لماذا؟ لأن أخلاقه وطباعه وأفعاله تفارق وتشذ عن أخلاق وصفات وأفعال باقي جنسه، ولبعده عن الخير، يقول الله تبارك وتعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام:112]، فدل على أن من الإنس شياطين ومن الجن شياطين.
ومم اشتقت كلمة شيطان؟ اشتقت من مادة شطن بمعنى: بَعُدَ، يقال: شطنت داري من دارك، يعني: بعدت داري من دارك، ويقول الشاعر: نأت بسعاد عنك نوىً شطون فبانت والفؤاد بها رهين نوىً: يعني: رحل وسافر، وشطون يعني: بعيد، بمعنى أن سعاد رحلت إلى مكان بعيد.
والرهين: فعيل بمعنى: مفعول، كما تقول: كف خضيب أي: مخضوب، ولحية دهين أي: مدهونة، ورجل لعين أي: ملعون، وكذلك الرجيم المقصود به: الملعون المشتوم، فكل مشتوم بقول رديء أو سب يطلق عليه لفظ المرجوم، والرجم هو الرمي بقول أو بفعل، وله شاهد من القرآن وهو قوله عز وجل: {لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ} [مريم:46] يعني: لأرمينك، وهذا من الرمي بالقول.
وسمي الشيطان رجيماً لأن الله طرده من سماواته، ورجمه بالشهب والكواكب.