responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 158
يبتغونها، فالرجاء من حالهم، والله تعالى لَا يرجو، ولا يتصور منه، إنما يتصور منه العلم، ووقوع الأمر كما علم، وكما قدر.
وعندي أن الاتصال بين رجاء التقوى والأمر بالعبادة أظهر وأوضح، ولا إشكال فيه.
وقد بين سبحانه بعد ذلك بديع التكوين، والنعم التي ينعم بها العباد، فقال تعالت كلماته:

(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا ... (22)
جعل تستعمل بمعنى صير، وتستعمل بمعنى خلق، كما قال الله تعالى: (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ)، وقوله تعالى: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ. . .)
، وتأتي بمعنى سمَّى، كما في قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الملائكةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا. . .)، وتأتي بمعنى أخذ واتخذ.
وجعل هنا بمعنى صيَّر لأنها ذات مفعولين، الأول (الأَرْضَ) والثاني (فِرَاشًا)، والمعنى جعل الله تعالى الأرض ممهدة معبدة كأنها فراش يستقر عليه الإنسان، ويجد فيها مقاما ثابتا، وإذا كان فيها نتوء كالجبال فقد جعلها الله تعالى مثبتا لذلك الفراش، ولذلك قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا)، وقد وصفت الأرض بأن الله تعالى جعلها مهادا، ووصفت بأنه جعلها بساطا، فهي ممهدة كالفراش وكالبساط، وتلك نعمة من الله تعالى لتسهل الإقامة عليها، والانتقال بين آفاقها، والهجرة بين أجزائها، وهي للإنسان كالعرصة [1] في مسكنه، وكون الأرض فراشا لَا ينافي أنها كرة تدور حول الشمس، فإنها لعظمها وانبساطها تعد فراشا أو كالفراش، ولا يحس بأنها كرة إلا من تتبع الليل والنهار والشمس والقمر، والسير فيها من المشرق إلى المغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، وما يقرره العلم الاستقرائي المتتبع لما خلق الله سبحانه وتعالى.

[1] العَرصة: كل بُقْعَةِ بينَ الدُّورِ واسِعَةٍ ليت فيها بِناءٌ والجمع: عِراص)، وعَرَصاتٌ، وأعْراص). [القاموس المحيط - فصل العين - باب: عرص].
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست