نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 181
(لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ)، وقال تعالى في المنافقين: (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77).
إن الوفاء بالعهود والمواثيق شأن من يراقب الله تعالى، ويحس برقابة الله تعالى، وهو لذلك خاصة من خواص المؤمنين، وكرر الله الأمر بالوفاء بالعهد مثل قوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِن الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)، وإن الكافر لا يحس بمسئولية أمام الله تعالى؛ لذلك كان أول وصف من أوصاف الفاسقين أنهم ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه.
وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - عقد ميثاقا لليهود فنقضوه، وعقد صلح الحديبية، فنقضوه، ونصروا بني بكر على خزاعة حلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الصفة الثانية - أنهم يقطعون ما أمر الله به أن يوصل، القطع فصل المتصل، وجعله أجزاء متفرقة، وقطعهم الذي كان الله تعالى أمرهم بوصله ما هو؟، قيل: قطع الأرحام، فلا يصل ذا رحمه، ولا يعمل بالمودة بين ذوي قرباه، ولكن الإنسانية كلها رحم واحدة، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1).
فالرحم الإنسانية ثابتة بين الناس، وقطعها يكون بأساليب شتى، وسبل مختلفة وكلها سبل الشيطان كما قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا الدمئُبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ. . .)، ومِن قطعها أن يتحكم القويُّ في الضعيف، وأن ينظر إلى الناس على أنهم طبقات منهم غني ومنهم فقير، وأن يكون لكلٍّ قانون ونظام، وأن تختلف المعاملة، وأن تتنافر الشعوب، ولا تتضافر ولا
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 181