نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 183
القبلية، أو العصبية الوطنية، أو بالرغبة في أن تربو أمة عن أمة، أو التنافس الاقتصادي، حتى ينظر الإنسان للإنسان نظرة من يتربص به الدوائر.
ويشمل الفساد في الأرض ألا يكون الحكم المرضي الحكومةَ هو الحق، وأن يكون الحكم للغلب، وأن يسود قانون الغابة لَا قانون الفضيلة بين الناس، وأن يكون ذلك في كل العلاقات الإنسانية، القوي يأكل الضعيف، والغني يحقر الفقير، والعالم لَا يعلِّم الجاهل، بل يتخذه مطية لأهوائه وشهواته.
ويشمل الفساد في الأرض ألا يكون تعاون في استخراج ينابيع الثروة من باطن الأرض، بل يستبد بها القادر عليه، ويشمل الفساد ألا يوزع بين أهل الأرض خيراتها، بل يلقيه بعضهم في البحار، ولو جاع الباقون، ضنا به على فيِّ أخيه الإنسان.
ولقد حكم الله تعالى على من كانت هذه أوصافهم فقال تعالت كلماته: (أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرونَ).
اسم الإشارة إلى هؤلاء المتصفين بهذه الصفات، والإشارة إلى المتصفين بصفة أو صفات تومئ إلى أن هذه الصفات هي سبب الحكم. فنقض العهود والمواثيق، وقطع الصلات الإنسانية، وإشاعة الفساد في الأرض هو السبب في الخسران الذي لا ينجو منه أولئك الفاسقون.
والخاسر هو الذي نقص حظه من الغاية التي كان يبتغيها، وكذلك الذين اتصفوا بهذه الصفات، فالناقض للعهد يحسب أنه كسب من نكثه في عهده، ولكنه خسر؛ لأن الناس لَا يثقون بعهده من بعد، والذي يقطع أرحام الإنسانية يحسب أنه كسب بالانفراد، ولكنه خسر المعاونة والمودة، والأخوة الإنسانية، والمفسد في الأرض يحسب أنه كسب أرضا أو خيرا من وراء ما يفعل، وقد خسر الناسَ جميعا، فهو كمن أراد ربحا بالغش والخديعة فخسر كل ماله، وهكذا كل الفساق الآثرون الذين
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 183