نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 324
الثاني - أن الآية الثانية كان " الشرط الزعم بأنهم من أولياء الله من دون الناس، فكان النفي بـ " لا "، وهو دونه " فكان النفي بـ " لا " لَا بـ " لن " على مقدار الشرط، وكذلك يصرف الله الآيات في كتابه الحكيم.
وبعد ذلك التحدي من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمر ربه، كان الوصف الحقيقي لبني إسرائيل بالنسبة للموت والحياة الآخرة، وأنهم لايؤمنون بالآخرة، ولا يؤمنون بأن لهم جزاء محمودا، وأنه يرتقبهم خير؛ ولذا تمسكوا بالحياة الدنيا، لأن العصاة يظنون أنها الحياة وحدها، ولا يرجون خيرًا لأنفسهم المادية في لقاء الله تعالى، فقال تعالت كلماته:
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا).
وقد أكد الله سبحانه وتعالى الحكم بأنهم أحرص الناس على حياة بالقسم المؤكد باللام ونون التوكيد الثقيلة، ونكر سبحانه وتعالى " حياة " في قوله تعالى: (عَلَى حَيَاةٍ) لتعميم معاني الحياة، فهم يحرصون على حياة أيا كانت صورتها، سواء كانت حياة ذل أم كانت حياة عز، وسواء كانت حياة استعباد أم كانت حياة حرية، وسواء أكانت تحكمها الفضيلة أم كانت تحكمها الرذيلة، إنهم يحرصون على الحياة ذاتها من غير نظر إلى وصفها سواء أكانت مقيتة في ذاتها، أم كانت بكرامة من غير مهانة. وإن هذا يدل على كمال الحرص.
قال تعالى: (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) أي منهم من هم أحرص على حياة أيا كانت من الناس جميعا، ومن الذين أشركوا، وهم الوثنيون، وخُصوا بالذكر، لأنهم لَا يؤمنون بالبعث، وأولئك اليهود أهل كتاب ويؤمنون به في الجملة، ولكنهم مذنبون تحيط بهم خطاياهم من كل ناحية.
وهم أحرص من المشركين على الحياة؛ لأنهم يريدون الحياة على أية صفة عزيزة كريمة أو ذليلة، أما المشركون من العرب فإنهم لَا يريدونها إلا عزيزة لَا ذلة فيها، وشاعرهم الجاهلي يقول:
لا تسقنى ماء الحياة بذلة ... بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم ... وجهنم بالعز أطيب منزل
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 324