نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 341
وإننا نسير فيما نكتب في فقه الإسلام، وعلم القرآن على أساس أننا لَا نعدل عن الظاهر إلا إذا تعذر تحقيق الظاهر، ولا ننتقل منه إلى غيره إلا مهتدين بنص، ولذا نرى أنهما ملكان نزلا لبيان السحر في ذاته والتضليل به وطريق الوقاية منه فهما منذران كما قال الإمام علي.
ورأى بعض الكتاب المتأخرين في التفسير أن من سميا الملكين كانا رجلين متظاهرين بالصلاح والتقوى في بابل وهي مدينة على نهر الفرات، ونالوا ثقة الناس حتى ظنوا أنهما ملكان نزلا من السماء، وبلغ مكر هذين الرجلين أنهما كانا يقولان: إنما نحن فتنة فلا تكفر.
واحتج الذين قالوا هذا القول من مفسري هذا القرن بأن الملك لَا ينزل إلى
الأرض معلما منذرا، لأن المشركين طلبوا أن ينزل ملك، فقال الله تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ)، وكان المشركون يقولون: (مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7).
وقالوا: إن نزول الملك مستحيل، لأنه لو كان ممكنا لأرسل إليهم ملكا مؤيدا للرسول.
ونحن نقول إن نزوله ليس مستحيلا، والله لم يرد عليهم بأنه مستحيل، ولكن علم أنهم متعنتون، وقد طلبوا غير ذلك، وقالوا في طلبهم آيات أخرى: (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93).
فهم طلبوا هذه الآيات الحسية الكونية كما طلبوا أن ينزل ملك بقرطاس من السماء، وذلك كله كفر بالقرآن الذي تحداهم فعجزوا.
فهل هذا كله مستحيل أن يأتي الله به، أم أن الله تعالى لَا يريد أن [يأتيهم] بآيات أخرى وهو يعلم أنهم لن يؤمنوا؛ ولهذا نقول إنه لايوجد دليل [ ... ] [يمنع] (1)
(1) ما بين المعقوفتين زيادة من المصحح حتى نتأكد من النص فالصفحة ممسوحة.
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 341