نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 344
ولقد بين سبحانه وتعالى أن اليهود الذين اختاروا السحر على علم الكتاب يتعلمون ما يضرهم ولا نفع فيه فقال تعالى: (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ) والضرر في السحر واضح لأنه يفسد العقول، فالساحر الدائب على السحر، ينتهي أمره بفساد عقله، فيضطرب وتسارع إليه الوساوس، فلا يكون عنده ميزان عقلي سليم، يدرك به الحق من الباطل، ويكون في وسواس مستمر، ويضر المجتمع؛ إذ به تفسد القلوب وتضطرب الأفهام، ولا يكون حق واضح، ولقد كان لنا صديق كان يتخذ السحر والتنويم المغناطيسي، وكان عالما رياضيا منظم العقل مستقيم الفكر، فلما أكثر من هذا التنويم الذي هو السحر، اضطربت موازين تقديره، وصار يصدق ما لَا يقبل التصديق ويقبل من القول ما لَا يصدقه.
وآخر كان مؤمنا أشد الإيمان، وأكثر من هذا التنويم الذي هو السحر حتى فسد التقدير عنده، وصار يهرف بقول لَا يصدر عن مؤمن عاقل، فيفضل الرسول على رب العالمين.
وذلك لأن السحر أفسد عقله المؤمن، وتفكيره السليم، ونفَى الله النفع منه، فقال تعالى: (وَلا يَنفَعُهُمْ) أي لَا ينفع متخذيه بأي صورة من صور النفع. وليس لعاقل أن يقوم بعمل مؤكد الضرر، ولا نفع فيه بأي صورة من النفع؛ ولذا قال تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاق).
أكدّ الله سبحانه وتعالى أن من اتخذ هذا النوع؛ أي أن من اشترى السحر، ودفع نفسه وعقله وإحساساته - ليس له نصيب في الآخرة، فالخلاق هو النصيب.
وأكد ذلك باللام الأولى الداخلة على قد، وبقد وباللام الثانية والجملة في معنى المجاز بتشبيه المشتري للسحر بتقديم نفسه العاقلة الطاهرة بحال من يشتري شيئا تافها، ويدفع فيه شيئا قيما ويبيع آخرته، فلا يكون له نصيب فيها.
ولقد أكد سبحانه وتعالى هذا المعنى، فقال تعالت كلماته: (وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) في هذه الجملة السامية تأكيد الذم للسحر وأكده باللام،
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 344