نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 348
القول، فإن نهى الله تعالي عن أن يقولوا (رَاعِنَا) سد لفساد اليهود الذين يغمزون في القول، ويتهكمون بهذا على المؤمنين، وعلى مقام النبوة السامي الجليل.
ولقد ذيل الله سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى: (وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) والمراد من الكافرين اليهود الذين لووا ألسنتهم غمزا واستهزاء، وقد أظهر في موضع الإضمار لتسجيل الكفر عليهم ولبيان السبب في عذابهم فهم كافرون بما كان منهم، وجحودهم للنبوة المحمدية وإنكارهم للقرآن الكريم ونبذهم له وراءهم ظهريا، والكافر له عذاب أليم، وأليم بمعنى مؤلم، وتنكيره للدلالة على أنه عذاب أليم لا يدرون كنهه، ولا حقيقته.
وإن المشركين عبدة الأوثان لم ينزل عليهم كتاب بعد إبراهيم عليه السلام، واليهود أهل كتاب فنزل عليهم كتاب سماوي ثم حرفوه من بعده، ونسوا حظًّا منه وزادوا عليه أوهاما من عندهم، وكتموا جزءا كبيرا مما بأيديهم. إن هؤلاء المشركين واليهود جمعهم أمران: أحدهما الكفر، والثاني بغض محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو بغض ما جاء به، فإذا فرقهم العلم بكتاب سماوي، فقد جمعهم كفر وبغض لما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذا قال تعالى:
(مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ... (105)
يود هنا معناها يحب، وإن الود يجيء بمعنى محبة الشيء، وبمعنى تمنيه، وهي هنا بمعنى المحبة فقط، وما هو بمعنى التمني قوله تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)، وقوله تعالى: (وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ. . .).
وهنا تكون بمعنى المحبة، أي ما يحب الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم، ونفي المحبة يومئ إلى الكراهية، أي يكرهون أن ينزل الله تعالى عليكم أي خير من ربكم، ومن في قوله تعالى: (مِّنْ خَيْرٍ من رَّبِّكمْ) لاستغراق النفي ومعناها أي خير من ربكم، وأعظم الخير من الله تعالى هو أن يكون رسولا من رب العالين، وربكم الذي رباكم وصنعكم على عينه.
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 348