نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 355
بقوله: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ منْهَا أَوْ مِثْلِهَا) أي ما ننزل آية لنبي أو رسول أو نؤجلها إلا أتينا بخير منها أو مثلها، وفي ذلك إشارة إلى أن معجزة القرآن خير من المعجزات التي سبقت كمعجزة موسى وعيسى، لأنَّ معجزاتهم حوادث تنقضي، وتنتهي بانتهاء وقتها ولا تؤثر إلا في نفوس من عاينوا، وشاهدوا، أما معجزة القرآن، فإنها باقية خالدة تتحدى الأجيال كلها إلى يوم القيامة.
وإننا نميل إلى تفسير الآية بالمعجزة، وذلك للأمور الآتية:
أولا - تعقيب النسخ والتغيير بقوله تعالى: (ألَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فإن ذلك يتناسب بوضوح مع الآية بمعنى المعجزة القاهرة التي تدل (على قدرة الله وصدق رسوله)، والمعجزة الكونية، ولا تظهر مناسبة مع آية التكليف.
وثانيا - قوله تعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... (107)
فذكر هذا النص السامي يدل قياسًا أن النسخ أو الترك يكون لآلهة كونية بخير منها، تكون أبقى وأعظم أثرا.
ثالثا - أنه كان لوم على طلب آية أخرى، فقد قال تعالى:
(أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ) هذه الآيات كلها جاءت تالية لآية النسخ وهي في تواليها تناسب أن تكون الآية المنسوخة معجزة من معجزات الرسالة الإلهية، ومعجزات النبيين.
ورابعا - أن النسخ يقتضي ألا يمكن الجمع بين الناسخ والمنسوخ، وليس في القرآن آيات تتعارض، ولا يمكن التوفيق بينها، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده.
وإن الله تعالى إذا أنزل معجزة لنبي، وبدل بها معجزة فذلك من كمال قدرته وليس لمؤمن أن ينكر معجزة، ولا يطلب معجزة معينة، وألا يقال: إن الرسول الذي جاء بالمعجزة القاطعة مغتر، فقد قال تعالى: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 355