نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 358
والمخاطبون في قوله تعالى: (أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ) هم الذين خوطبوا برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهم الناس جميعا، مشركوهم وأهل الكتاب فميهم، فقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - للأحمر والأسود والذين طلبوا تغيير المعجزة المحمدية بغيرها من المعجزات الحسية كان منهم المشركون واليهود فهم أخص من بعث إليهم بالخطاب.
وقوله تعالى: (أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ) إلى آخره فيه الاستفهام متجه إلى إرادة السؤال لَا إلى السؤال نفسه، وإذا كان الاستنكار للإرادة فهو للسؤال أشد لأنه إذا استنكرت ذات الإرادة، فالأولى يكون للفعل، وإنهم ما أرادوا المشابهة بين فعلهم وفعل بني إسرائيل من قبل، إنما نبههم الله تعالى إلى المماثلة بقوله: (كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ)، أي مثل ما سئل موسى من قبل.
وإن ذلك انحراف عن السبيل، وترك للحق، وانصراف عما يوجبه الدليل، إلى سؤال عن دليل آخر مع سلامة هذا الدليل الذي يعترضون عليه؛ ولذا قال تعالى: (وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) أي ومن يجعل الإيمان في مقابل الكفر فقد سار في طريق منحرف ولم يسلك السبيل المستقيم، وضل يعني بعد، ومعنى ذلك أن من يطلب الكفر يترك سواء السبيل والقصد، وفي ذلك إشارة إلى أمرين:
أولا - أنهم ضلوا القصد ولم يسلكوا سواء السبيل أي وسطه؛ لأن وسط السبيل لَا يكون اعوجاجًا ولا انحرافًا، وأنهم إذ ضلوا سواء السبيل وبعدوا عنه سلكوا طريق الكفر، واختاروه على الإيمان.
ثانيا - أن السبب في سلوكهم طريق الغي والضلال وطلبهم معجزات يريدونها هو أنهم في أصلهم جاحدون كافرون، ومن ترك الطريق الواضح مع وضوحه وقيام برهانه فقد كفر؛ لأنه يتبدل الكفر بالإيمان.
* * *
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 358