نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 366
ذكرنا ذلك من قبل، أي أن " هذا ما يتمنونه، ولكن لماذا قال تلك أمانيهم ولم يقل تلك أمنيتهم فذكر ذلك بلفظ الجمع " قالوا "؟: إذ الجمع يدل على أنه أمنية كل واحد نعينه فجمعت للدلالة على عموم التمني، وذلك لأنهم يحكمون لأنفسهم بأمانيهم لا بأعمالهم بما يتمنونه لَا بما يتخذون لنيله الأسباب.
ولأن لفظ الجمع تأكيد لأن يكون هذا تمنيا لهم استجابة لغرورهم وأهوائهم، وقد قال تعالى لبيان أنها أمان كاذبة ليس لها من سبب ولا دليل (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) أقر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم: هاتوا برهانكم، ولم يقل سبحانه سنكل طلب البرهان إلينا، لأنه عالم الغيب والشهادة، يعلم كذب ما يقولون وافتراءهم، وقد حكم سبحانه وتعالى بأنه ما يتمنونه لَا ما يستحقون فلا يطلب الدليل من يعلم؛ وقد فرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يطلب لَا ليقتنع ولكن ليبين كذبهم في ادعائهم.
طلب منهم أن يأتوا ببرهان، والبرهان هو الدليل القاطع الملزم الذي لَا يعتريه ريب ولا شك أنه ليس عندهم دليل ظني أو قطعي من كتاب منزل أو قول نبي مرسل.
ولذلك قال سبحانه: (إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) فجعل أداة التعليق الدالة على الشك، وهي " إن "، إذ إنه لَا دليل عندهم فهم غير صادقين.
ثم بين سبحانه وتعالى أن دخول الجنة بالإخلاص والعمل لَا بالتمني الكاذب فقال تعالى:
(بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرهُ عِندَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنونَ (112)
بلى حرف للجواب بالنفي كما أن نعم للجواب بالإيجاب، وبلى تتضمن معنى الإضراب وهذا الكلام رد على المفترين الذين يتمنون الأماني الكاذبة فليست الجنة إلا جزاء المتقين ولا تكون للكذابين الجاحدين.
(مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَفوَ مُحْسِنٌ) ومعنى أسلم وجهه لله تعالى أسلم نفسه كلها لله تعالى، فتكون كل جوارحه وكل أحاسيسه وحركات قلبه خالصة لله تعالى خائفة منه خاضعة لكل ما يأمر وينهى، وعبر بالوجه فإنه كثير ما يعبر به عن الذات
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 366